إلى أين نسير؟!
إذا كان برنامج الإصلاح الاقتصادي والتحول إلى اقتصاد السوق يؤدي كما هو الواقع إلى ارتفاع معدلات البطالة السائدة وذلك بسبب عدم الاستثمار والتوسع في القطاع العام مع عجز القطاع الخاص المنظم وغير المنظم على خلق فرص عمل جديدة تسمح باستيعاب المتعطلين سواء من العمالة التي سيتم الاستغناء عنها أو من الداخلين إلى سوق العمل.
وإذا كان اقتصاد السوق يقتضي إنهاء الدعم أو تخفيضه و تحرير أسعار السلع والخدمات وما يترتب على ذلك من تخفيض في مستويات الدخول الحقيقية لكل فئات الشعب وستكون آثار تخفيض الدعم أو إلغائه بالنسبة للسلع الغذائية أكثر حدة على الفئات الفقيرة.
وإذا كان اقتصاد السوق يقتضي الإنفاق الحكومي على الخدمات الاجتماعية تعليم وطبابة، حيث أصبحت غالبية المشافي العامة تعاني من نقص حاد في جميع المدخلات الصحية، مع تقليص التعليم الجامعي بسبب رفع المعدلات وإنشاء جامعات خاصة بأقساط كبيرة وقد أدى هذا إلى ارتفاع نسبة التسرب من النظام التعليمي، خاصة بالنسبة للفئات محدودة الدخل بالإضافة إلى تناقص الموارد اللازمة للإنفاق الاستثماري في مجال التعليم.
وإذا كان اقتصاد السوق يقتضي الاعتماد الكلي على العالم الخارجي وعدم التوسع في الأنشطة الإنتاجية والزراعية والصناعية وعدم وجود إستراتيجية متكاملة للتنمية الإدارية، أو خطة للإصلاح الإداري ومحاربة الفساد وعدم إصدار مشروع قانون العمل للقطاع الخاص، وإعادة النظر في قانون التأمينات الاجتماعية لضرب المكاسب التي حققها هذا القانون وذلك مراعاة لأرباب العمل واستجابة لمطالبهم.
وإذا كان اقتصاد السوق يرفع معدلات التضخم ويفاقم الأزمات المعيشية ويزيد الفقر. ويفاقم الغش والاحتيال والفساد ويشرعن النهب والسمسرة على حساب الأكثرية الساحقة من الشعب وعلى حساب التنمية الحقيقية وعلى حساب الوطن..
إذا كان كل ذلك هو فقط ما نراه.. فالسؤال: إلى أين نحن سائرون؟؟