أعطونا حقنا وإلا..!
هاشم اليعقوبي هاشم اليعقوبي

أعطونا حقنا وإلا..!

نظم عشرات العمال أنفسهم على مدى أسبوعين كاملين، في أحد معامل الخياطة الكائن في صحنايا، كي يستطيعوا الحصول على جزء صغير من حقوقهم التي سلبتهم إياها قرارات حكومية من جهة واستغلال أرباب العمل من جهة أخرى.

 

تتابع (قاسيون) رصد التحركات العمالية في القطاع الخاص غير المنظم، التي بدأت بعد القرار الحكومي الأسود المتمثل بزيادة أسعار المحروقات, وصدور مرسوم التعويض المعيشي المصاحب له، والذي لم يشمل عمال هذا القطاع, ويبدو أن توقعاتنا باستمرارها كان صائباً, حيث شهد هذا القطاع الواسع نشاطاً عمالياً واضحاً يتمحور حول مطلب أساسي وهو الزيادة الفورية للأجور، توازي بحدها الأدنى التعويض المعيشي الذي حرم منه عمال هذا القطاع, وتتفاوت نسبة نجاح هذه التحركات بناءً على عوامل عديدة، أهمها: درجة تنظيم العمال لأنفسهم وخصوصية المهنة وعدد العمال في المشغل أو المعمل الصغير أو الورشة.

خطوة بخطوة و(قاسيون) حاضرة

بادرت ( قاسيون) فور تلقيها اتصالاً هاتفيا بتلبية طلب مجموعة من العمال العاملين في معمل للخياطة، والمتمثل بمواكبة إعلامية لتحركهم الذي يعدون له، من أجل الضغط على صاحب المعمل كي يحصلوا على حقهم في زيادة فورية على الأجور تساوي بحدها الأدنى مقدار التعويض المعيشي الممنوح للقطاع العام والخاص المنظم، وذلك بعد أن فشلت مطالبهم الشفهية جميعها التي توجهوا بها للإدارة.

العمال يمهلون الإدارة يوماً كاملاً

على مدار يومي الأحد والاثنين الماضيين، اجتمعت المجموعة المفوضة من قبل الغالبية العظمى من العمال البالغ عددهم 85 عاملاً، والمكونة من خمسة عمال بمستودع المعمل، كي تتم مناقشة الخيارات الممكنة جميعها ، للوصول للغاية المرجوة بزيادة الأجور، وأثبتت المجموعة المفوضة من خلال النقاشات التي تمت كفاءة عالية تبشر بالنجاح، وبعد النقاشات الكثيرة والتشاور المرن توصلت لاتفاق مفاده أن يقدم العمال المطالبين بالزيادة على الأجور جميعهم طلباً خطياً يوقعون عليه ويذكرون فيه نسبة الزيادة المطلوبة 40% للإدارة، مع تحديد مهلة مقدارها يوماً كاملاً للرد خطياً على الطلب المقدم، كون عطلة عيد الفطر ستبدأ يوم الثلاثاء, وفعلاً تم تقديم الطلب يوم الأحد مساءً، بانتظار رد الإدارة يوم الاثنين، ولكن الرد تأخر رغم انتظاره حتى منتصف النهار، فانتدبت المجموعة عاملاً كي يراجع الإدارة ويستفسر عن الأمر.

بعد العيد - منتحاسب –

لم يكن صاحب المعمل موجوداً حينها، فتوجه العامل المنتدب لأحد أعضاء الإدارة مستفسراً عن طلبهم المقدم، فاحتدم النقاش بينهما وطلب المدير من العامل العودة للعمل ونسيان الموضوع، فالمعلم الكبير( الحجي) لم يوافق على الطلب، فتوعده العامل بالخطوات اللاحقة المتفق عليها قائلاً له بحزم: (ما وافقتوا عالزيادة معناها بدكم يانا نأضرب ونساويلكم طوشة بالنقابات والتأمينات والجرايد؟ طيب بعد العيد منتحاسب وسلملي عالحجي).

الإدارة تتراجع والعمال ينتظرون

لم تكد تمضي ساعة واحدة على تلك (المشاجرة الكلامية) حتى طلبت الإدارة حضور العامل نفسه، كي تخبره بأن (الحجي) سيكتفي هذا الشهر بإعطاء (عيدية محرزة) لكافة العمال، على أن تتم زيادة أجورهم الشهر القادم، وهنا أصر العامل على معرفة مبلغ (العيدية) ونسبة الزيادة الموعودة،  فأجابه بأغلظ الأيمان بأن مبلغ (العيدية) عشرة ألاف للعمال والعاملات، و15 ألف لرؤساء الأقسام والورديات، وبأن الزيادة لن تكون أقل من 7 آلاف، وبأن صاحب المعمل كان ينوي أن يقوم بالأمر أساساً ولا داعٍ لهذه الحركات الولادية، فما كان من العامل إلا أن ذكره بعشرات المطالبات الشفهية السابقة التي لم تجب عليها الإدارة، طالباً منهم أن يلتزموا بما وعدوا به وإلا ...!

مرة أخرى تثبت التحركات العمالية المنظمة هنا وهناك قدرتها على انتزاع الحقوق، إن هي عرفت كيف تستخدم أدواتها وتطورها، فالطبقة العاملة ومصالحها تتناقض مع مصلحة رأس المال الذي ينمو ويكبر من نهبه لعرق العمال وشقائهم، وسيبقى الإضراب عن العمل من أهم أدوات الدفاع عن الحقوق والمصالح الطبقية والسياسية.