(العيدية) جزء من حق مسلوب
تساءل عمال القطاع الخاص غير المنظم في الأيام الأخيرة من شهر رمضان عن مقدار المبلغ الذي سوف يدفعه لهم رب العمل (عيدية) قبل عطلة العيد، خاصة في هذه الظروف المعيشية القاسية التي اتفقت فيها سياسات الحكومة وقراراتها وممارسات أرباب العمل.
حق وليست صدقة
يصر أرباب العمل على مصطلح (العيدية) كتسمية للمبلغ المضاف على الأجر الأخير قبل عطلة عيد الفطر، ولا يأتي هذا الإصرار من فراغ، فهم يريدون صبغه بأفكار العطاء والكرم والإيمان، وكأنه منحة أو مكافأة أو صدقة، رغم أنه بواقع الأمر ليس سوى جزء من حق مشروع للعمال لا تجده في نصوص القانون والتشريعات، ليس لتجاهل المشرع له بل لأن هذه الشريحة العمالية الواسعة لا قانون لها سوى قوانين السوق الجائرة، التي فصّلها أرباب العمل على مقاسهم الخاص ووفق مصالحهم وأهوائهم، وضمن نظرية العرض والطلب، وتلك أيضا لا تصب في مصلحتهم أبداً.
عطلة بلا أجر
تعتبر عطلة العيد بالنسبة لعمال القطاع العام والخاص المنظم عطلة مدفوعة الأجر، عكس عمال القطاع الخاص غير المنظم فعطلة عيد الفطر، والتي قد تمتد لأسبوع كامل، تكون غير مدفوعة الأجر وتأتي (العيدية) لترقيع هذا الخلل في العلاقة بين العامل ورب العمل، فلا مِنّة أو فضل لرب العمل بتلك الآلاف التي يقدمها لعماله، مهما كساها بأثواب الرحمة والتدين، فإن كان صادقاً بإكرامه لعماله؛ فليدفع لهم أجر أسبوع كامل، ومن ثم يضيف عليه مبلغ (العيدية) التي يدعي بأنه يكرم بها عماله!.
استغلال أعلى للعاملات والأطفال
عادة ما يقدر رب العمل المبلغ بما لا يتجاوز نصف الأجر الأسبوعي للعامل، فإن كان أجره مثلا عشرة ألاف أسبوعياً فإن (العيدية) قطعاً لن تكون أكثر من خمسة ألاف، فيما يكتفي بدفع ألفين أو ثلاث لعاملات الإنتاج والأطفال العاملين لديه، فتلك الأرباح التي يجنيها على أكتافهم طوال العام لن يفرط بجزء ولو ضئيل منها لصالح عمال، لم يحمهم قانون ولم يدخلوا يوما للتنظيم النقابي ولا للتأمينات الاجتماعية، وربما يتضح ذلك بالكثير من الحالات التي تحصل في المعامل الصغيرة والمشاغل والورشات، ومنها بأن العامل الذي يكون جديداً على مكان عمله لا تشمله (مكرمة المعلم) قبل العطلة، فالنسبة لرب العمل لا يستحقها عامل لم يتم لديه في عمله ثلاثة أشهر بالحد الأدنى، وبمعنى آخر وهو المعنى الحقيقي للأمر لن يدفع له جزءاً يسيراً من حقه قبل أن يكون قد مص دمه وسلب عرقه وتعبه وقوة عمله.