تأهيل طريق الربوة.. أكل العنب وقتل الناطور.. العمال الموسميون يدفعون الثمن
في الأسبوع الأخير من شهر أيار، وعشية الاستعداد لاستقبال موسم الصيف والاصطياف والسياحة، أقدمت محافظة دمشق على قطع طريق الربوة ابتداءً من جسر تشرين حتى جسر دُمَّر، بهدف المباشرة بأعمال تأهيل وتجميل الطريق التي من المتوقع أن تستمر طيلة فترة الصيف، مع أن المحافظة قد حددت مدة تنفيذ المشروع بخمسين يوماً فقط، ولكنها محسوبة، فبعد خمسين يوماً فقط يبدأ شهر رمضان الذي تتوقف فيه بشكل تلقائي حركة المطاعم والمقاهي... (محسوبة تمام).
وكانت المحافظة قد وعدت بأن هذا المشروع سيتضمن تأهيل البنى التحتية من كهرباء ومياه وإنارة، وتعريض الأرصفة وإضافة أشجار ومناطق خضراء جديدة، مع الحفاظ على الأشجار الحالية وتجميلها بالإنارة، وتنفيذ جدران استنادية جديدة وتأهيل الجدران الحالية على كامل المحور إضافة إلى تنفيذ مسطحات خضراء وأعمال زراعية تجميلية وإنارة تزيينية، وقشط وإعادة تزفيت القميص الإسفلتي على كامل المسار وتخطيط الطريق بالدهان، ووضع الشاخصات اللازمة إضافة إلى إزالة التشوهات والمخالفات على الطريق، وتنفيذ درابزين معدني جديد لنهر بردى مع أرضية بيتون مطبع وأطاريف بازلتية. هذا ما وعدت به المحافظة المواطنين، فلننتظر إذاً ونرى كيف سيغدو طريق الربوة بعد إعادة تأهيله التي في سبيل تنفيذها عمَّ المنطقة الكثير من الغبار والفوضى، وتوقفت الحركة في شبه شلل تام، وقل عدد الذين يؤمّون المطاعم والمقاصف والمقاهي المنتشرة على جانبي الطريق، والتي يزيد عددها عن ثلاثين مطعماً ومقهى، تم إغلاق معظمها والاستغناء عن عمالها.
لماذا تم اتخاذ القرار لتنفيذ هذا المشروع في هذا الوقت بالذات؟! لماذا لم يتم تنفيذه في فصل الشتاء حيث الحركة قليلة والمتضررون أقل بكثير؟! هل هو قرار في إطار اكتساح الأرباح وكسب المنافسة بين مناطق النفوذ الثلاثة، بين طريق الربوة وطريق صيدنايا ومعلولا وقلب المدينة القديمة؟! فقد بات من المعروف مَن يسيطر على النفوذ في كل محور من هذه المحاور!!هل قرار التوقيت هذا جاء لإجبار رواد المطاعم على التوجه إلى مطاعم دمشق القديمة التي تحولت إلى مطعم ومقهى كبير؟! أم لإجبارهم على التوجه إلى المطاعم المنتشرة على طريق صيدنايا ومعلولا؟! فالنافذون هناك أصحاب قرار أقوى وأكثر وصولاً!!
كان أصحاب المطاعم والمقاهي قد تقدموا باعتراض لدى محافظة دمشق احتجوا فيه على التوقيت الذي اختارته المحافظة لتنفيذ مشروعها المؤجَّل منذ عشر سنوات، مطالبين بتأجيل موعد التنفيذ حتى قدوم فصل الشتاء، أو على الأقل حتى بداية شهر رمضان، ولكن المحافظة تجاهلت الاعتراض فلجأ المعترضون إلى وزارة السياحة التي تفضلت بالرد أنها مثلهم تماماً آخر من يعلم بهذا المشروع الذي سيترك آثاراً سلبية على حركة السياحة والاصطياف في منطقة الربوة!!
إن ما يهمنا من وقف هذا الصراع هو الحفاظ على لقمة عيش المواطنين ومصدر رزقهم فقط، حيث أن هناك أكثر من ثلاثين مطعماً ومقهى يعمل في كل منها على الأقل خمسة عشر عاملاً موسمياً، أي بمجموع يزيد عن أربعمائة وخمسين عائلة قد حُرِمت من مصدر رزقها ولقمة عيشها!! فهل هذا هو المقصود؟! أم أن ذلك لم يكن في الحسبان عند اتخاذ القرار؟! فإذا كان كذلك فإن هذا القرار يأتي مثل غيره من القرارات الساعية للمنافسة والصراع على المكاسب والأرباح متجاهلة ما يصيب المواطنين من ضرر وخسارة! أفلا تكفينا الإجراءات الاقتصادية والقرارات الحكومية التي أدّت إلى تجويع المواطنين وإفقارهم وتوسيع شرائح العاطلين عن العمل؟!!