بصراحة: فعل الحكومة.. وردة فعل النقابات!!
في معظم اجتماعات مجلس الاتحاد العام لنقابات العمال تحضر الحكومة ممثلة بوزرائها، وفي مقدمتهم النائب الاقتصادي، حيث يستعرضون في ردودهم قدراتهم في الرد على ما يطرحه أعضاء المجلس من مداخلات، وغالباً ما تكون الحدة في الردود والطروحات سيدة الموقف، ولعله من الطبيعي أن يسود ذلك داخل المجلس لأن الموضوعات التي تطرح لها أهمية وذات صلة بمصالح الوطن العليا، ومنها مصالح الطبقة العاملة وحقوقها ومكتسباتها التي يجري الاعتداء عليها تحت مسميات عدة وأشكال وطرق متنوعة، تكون نتيجتها الإضرار بمصالح العمال وحقوقهم، ومن هنا يمكن أن نطرح سؤالاً مشروعاً هو:
هل الحضور الحكومي لاجتماعات المجلس ضرورية لحل الاستعصاءات العالقة بين النقابات والحكومة، أم أن حضورهم أو عدمه سواء؟! الجواب نتركه للعمال ومن يهتم بأمرهم، فهو ليس بحاجة لتأمل طويل.
لقد خصص تقرير الاتحاد العام مساحة كبيرة في التقرير الاقتصادي المقدم إلى مجلس الاتحاد العام الذي سيعقد يوم الأحد القادم للحديث عن نهج الحكومة الاقتصادي، ونتائجه على مصالح البلاد والعباد، وقد أشار التقرير استناداً إلى الملخص الاقتصادي للتقرير الوطني الأول للسكان لعام 2009، إلى (إن النمو في قطاعات الاقتصاد الحقيقي كان سالباً خلال تلك السنوات، وهو ما يضعف معدل النمو الاقتصادي بشكل عام).
وأضاف: إن عدم القدرة على تحقيق معدل النمو الاقتصادي المستهدف يعني في النهاية عدم القدرة بطريقة مباشرة وغير مباشرة على تحقيق أكثر الأهداف الكمية الأخرى في الخطة.
ماذا يعني هذا بالنسبة للحركة النقابية، وهي شاهد الآن على كل ما يجري من تحولات اقتصادية واجتماعية تتناقض مع مصالح من تمثلهم؟
ليس هذا فقط، بل تضر هذه التحولات الاقتصادية بهذه المصالح، وتجعل قدرتها على الدفاع عنها تزداد صعوبة، حيث تتشعب القضايا المطالبة بالدفاع عنها، وتزداد يوماً بعد يوم لأن النهج الليبرالي للحكومة يزداد ضغطه على الاقتصاد والمجتمع لإنجاز عملية التحويل المرسومة تحت شعار «التطوير والتحديث» المزعومة، فهذا النهج لم يترك للنقابات خيارات واسعة تستطيع من خلالها القيام بأية عملية تبرير أمام قواعدها وكوادرها النقابية، وهي لازالت متمسكة بشعار التشاركية، ومن طرفها فقط، لأن الحكومة لا تحتاج لمن يشاركها إلا وفقاً لما يخدم نهجها هذا. فالحكومة طرحت حزمة من الإجراءات تمس حقوق العمال مباشرة، وبالأخص حقهم بالعمل بدعوى إعادة هيكلة اليد العاملة وتخليص القطاع العام الصناعي من العمالة الفائضة التي تسربت في زمن الاقتصاد المخطط، وإحدى الطرق المستخدمة في هذه الهيكلة المزعومة طرح الحكومة من خلال وزارة الصناعة استبياناً شمل /6/ آلاف عامل من أجل تسريحهم مقابل بعض الامتيازات التي ستقدم للعمال المسرحين.
وأيضاً الإثم الآخر الذي قامت به الحكومة تسريح /800/ عامل من شركة محروقات وتبغ حلب تحت دعوى أنهم مياومون، وهم يعملون منذ سبع سنوات، الغريب أنهم ومازالوا مسرحين رغم نداء الاتحاد العام إلى الجهات المختلفة من أجل إعادتهم لعملهم السابق.
كما أن قضية الأجور على الطاولة مجدداً ودائماً، فهي المقياس الحقيقي لعمل النقابات من أجل رفع مستوى معيشة العمال وتحسنها، والتي ترفض الحكومة زيادتها رغم توفر مصادر حقيقية تدحض حجة عدم وجود موارد لزيادة الأجور.
وهناك قانون العمل الجديد رقم /17/ وانعكاسات تطبيقه الآن، وما جرّه على الطبقة العاملة من ويلات وظلم وهدر لحقوقهم، حيث أشادت النقابات به، واعتبرته مكسباً حقيقياً للطبقة العاملة في القطاع الخاص!.
هذه بعض من القضايا التي ستواجه النقابات في لقائها مع الحكومة في اجتماع المجلس القادم، وهي قد طرحت في اجتماعات سابقة، ودائماً كان تبريرات الحكومة موجودة ومخبأة تحت الشعارات، مسوقة لهذه القضايا بشتى الأساليب، في مقدمتها الوعود والتسويف، عبر ردود الوزراء التي تبقى دائماً بهذا الإطار لعلمها أن رد فعل النقابات على هذا النهج وهذه السياسات حدوده القصوى رفع مذكرة، أو كتاب، أو ما شابه...
(... وكفى الله المؤمنين شر القتال) هذا ما يحاول تكريسه البعض، بينما الفعل الحكومي يحتاج إلى رد فعل نقابي مساوٍ له بالمقدار والحدة، ومختلف معه بالاتجاه، كما يقال في قوانين الفيزياء، فهل سيكون رد فعل النقابات على الفعل الحكومي كذلك؟؟