محلج سلمية.. هل يعود إلى سابق عهده بعد السنوات العجاف؟
بعد توقف دام سنوات عاد محلج سلمية إلى العمل متجاوزاً الكثير من العقبات، ليغدو مجدداً المعيل الأول لعشرات من الأسر ذات الدخل المحدود في المدينة النائمة على تخوم الصحراء، والمعروفة بشح المياه وفرص العمل على حد سواء.
توقف المحلج عن العمل منذ عام 2010 وتم فصل العمال جميعهم، وتبقّى عمال الحماية الذاتية فقط، خلال سنوات الأزمة، ويعود توقف المحلج، حتى قبل بدء الأزمة، إلى انخفاض زراعة القطن في سورية عموماً بسبب خسائر المزارعين، فمنذ عام 2004 انخفض استلام محلج سلمية للأقطان إلى نحو 700 ألف طن بسبب انخفاض قيمة زراعة القطن بالنسبة للمزارعين، الذين دفعتهم خسارتهم المادية إلى استبداله بمحاصيل أكثر ربحية، ورغم رفع سعر القطن عام 2007 بقي المزارع شبه خاسر وبالتالي بقيت كميات الأقطان المزروعة قليلة مقارنة بما كانت عليه في السابق، وبذلك فإن معاناة المحلج، وسائر محالج القطر الأخرى، بدأت حتى قبل الأزمة بسنوات بفعل السياسات الاقتصادية غير المدروسة، ثم جاءت الحرب لتزيد الطين بلة وتقضي على ما تبقّى من صناعة الذهب الأبيض.
عودة بعد طول انتظار
وبعد توقفه لسنوات عاد المحلج إلى العمل كسابق عهده، مع عودة إمداده بالأقطان التي تنتظر الحلج، وذلك عبر التعاقد مع متعهد يتولى إيصال الأقطان من مناطق الزراعة خارج سيطرة الدولة إلى مناطق الحلج تحت السيطرة، حيث أكدت إدارة المحلج على أن التعاقد مع متعهد ليس ضرباً من الخصخصة، فالقطن المحلوج يعاد تسليمه إلى الدولة، ويقتصر دور المتعهد على الوساطة بين مناطق الزراعة ومناطق الحلج.
مواسم الحلج
توزع الأقطان من مراكز التوزيع إلى محالج القطر حسب طاقة كل محلج، حيث يتم تنسيق العمل بحيث تنهي جميع المحالج عمليات الحلج في نفس الوقت، وحالياً تستمر أربعة محالج فقط في العمل وهي محالج المنطقة الوسطى، (الوليد والفداء والعاصي والسلمية).
ويبدأ موسم الحلج في مطلع الشهر التاسع أو العاشر من كل عام وينتهي مع انتهاء الشهر الثامن، حيث يبتدئ العمل بالصيانة.
العمال الموسميون
قبل الأزمة كان المحلج مصدر الدخل الرئيسي لما لا يقل عن 130 من العمال الموسميين وعائلاتهم، وكان العمل يتم في ثلاث ورديات، أما اليوم فهناك ما يقرب من 44 عاملاً موسمياً فقط، ويتم العمل ضمن ورديتين، أما عدد العمال الدائمين فيصل إلى 50 عاملٍ.
ويعاني العمال بشكل عام والموسميون على نحو خاص من انخفاض أجورهم، إذ لا تزيد عن 17000 ليرة في أحسن الأحوال، وهو ما يكاد يكفي الأسبوع الأول من الشهر، وباستثناء اللباس العمالي لا يحصل العامل الموسمي على أية وقاية أو تعويض للضرر الذي يتعرض له جراء العمل في الشركة، والذي يتمثل بالدرجة الأولى بالأمراض التنفسية العائدة إلى استنشاق غبار القطن.
ظروف العمل
واقع اختصره أحد العمال حين حدثنا عن ظروف العمل في المحلج، فهو يعمل كفنّي منذ عام 1997، ويأمل أن ينضم إلى زملائه من العمال المثبتين الذين يعيشون ظروفاً أفضل مقارنة بزملائهم المؤقتين، من حيث الأجور وسائر الحقوق الأخرى كتعويض طبيعة العمل والراتب التقاعدي وغيرها.
حقوق ضائعة
وعن حقوقهم اليوم وضح العمال الفارق بين الوضع الحالي وما كان عليه في السابق، «كنا نحصل على حوافز ومكافآت حسب الإنتاج، إلى جانب وصل الوجبة الغذائية، ووصل القطن وقيمته عشرون كيلو غرام قطن للعامل المؤقت وأربعون كيلو غرام للعامل المثبت، لكن هذه السنة ومع عودة المحلج إلى العمل بعد توقف دام سنوات خسرنا معظم هذه المكتسبات، واقتصر الأمر على مكافآت تمنح لنا من حين لآخر».
«والمؤسف أيضاً أنه لم يعد هناك عمل إضافي بعد أن أصبح يوم السبت عطلة، إذ كنا نتقاضى 50 ليرة عن كل ساعة إضافية ما يشكل سنداً لأجورنا المنخفضة».
أكداس من القطن
إدارة المحلج تطرقت إلى مشكلة تكديس الأقطان المعدة للحلج بسبب استلام المحلج لكميات كبيرة تفوق طاقته، وهي المرة الأولى التي يحلج فيها محلج سلمية هذه الكميات كلها، إلى جانب ذلك حدثتنا الإدارة عن صعوبة وصول القطن إلى المحلج، فأحياناً تستغرق المقطورة شهراً كاملاً أو حتى شهراً ونصف لتصل من الحسكة، ما يعرقل عمل المحلج ويقود إلى توقفه لفترات طويلة.