في انتظار الحوافز
مع الانخفاض المستمر في قيمة الأجور التي يتقاضاها العمال والهبوط التراجيدي لليرة السورية، غدا البحث عن أي سند - وإن كان زهيداً- للراتب الهزيل هو الشغل الشاغل لأي عامل، وبعيداً عن زيادة الأجور، وهي بالطبع حق مشروع في ظل هذا التحليق الجنوني للأسعار، فإن العمال اليوم يتعرضون لمزيد من الظلم والغبن الذي يتجلى في أقبح صوره بحرمانهم من الحوافز والمكافآت، على الرغم من كونها حقاً لأي عامل على رأس عمله.
ليست مكرمة!
قد يخال البعض أن الحوافز مكرمة أو مِنّة يمنحها ربّ العمل للعاملين في المنشأة، لكن الواقع أنها حق أساسي ومشروع للعمال جميعهم، ومطلب لا ينبغي التنازل عنه بأي ثمن.
أعذار جاهزة
الحرمان من الحوافز أو التأخير في منحها مظلمة يعانيها آلاف العمال اليوم، والحجة دائماً جاهزة وهي انخفاض الإنتاجية وتدني الأرباح، ولكن بأي ذنب يلام العامل على تدني الإنتاجية إذا كان مرده إلى الحرب وتداعياتها وليس إلى تقصيره في أداء عمله؟ بل على العكس إذ تشير المعطيات إلى أن كثيراً من العمال باتوا يتحملون أعباءً إضافية في ظل الأزمة بسبب تسرب العمالة وعدم تعيين عمال جدد.
حاجة ملحة
قادت الأزمة وتداعياتها إلى تسرب كثير من العمال، واضطرت البقية الباقية إلى بذل مزيد من الجهد لضمان استمرار سير العمل، وهو ما حدث في القطاعات الإنتاجية والخدمية جميعها، مما خلق حاجة ملحة إلى تعديل الحوافز بما يتناسب مع تضاعف الجهد المبذول، إذ تعاني القطاعات الإنتاجية والخدمية اليوم من تسرب آلاف من عمالها وعدم تعيين عمال آخرين بدلاً عنهم.
خطوة إلى الوراء
نظام حوافز جديد كان ينتظر العاملين في «الشركة السورية للاتصالات» بعد أن تحولت من مؤسسة إلى شركة، وهو نظام يتسم بعدم الإنصاف، إذ توزع الحوافز على العاملين بما لا يتناسب مع إنتاجية العامل، علماً بأن طبيعة عمل العامل في المراكز الهاتفية تختلف عن طبيعة عمل العمال والمديرين في الإدارة المركزية، التي نالت الحصة الكبيرة من الحوافز رغم أن عدد عمالها لا يتجاوز 5% من عمال الشركة.
مطلب على الطاولات
تعديل الحوافز أو رفع سقفها، أو أياً كانت التسمية، هو مطلب حاضر دائماً على طاولات الملتقيات النقابية، لكنه مطلب نادراً ما دخل حيز التنفيذ، ليبقى غالباً مجرد كلمات في الهواء وحبراً على ورق.
فعلى سبيل المثال طالب عمال الصناعات الغذائية بتعديل نظام الحوافز الإنتاجية، وطالب عمال النقل البري برفع سقوف الحوافز والمكافئات التشجيعية للعناصر الفنية والاختصاصية، كما دعا عمال النقل البحري إلى فتح سقف الحوافز الإنتاجية بهدف زيادة الإنتاج، واشتكى عمال محافظة اللاذقية نتيجة عدم إنصاف العمال خلف الآلات في الرواتب والحوافز مقارنة بالعمال الإداريين، وكذلك طالب أعضاء المؤتمر السنوي للاتحاد المهني لنقابات عمال البناء والأخشاب بإصدار نظام حوافز للقطاع الإنشائي يتناسب مع طبيعته.. والقائمة تطول، فالأمثلة على تكرار هذا المطلب المحق أكثر من أن يمكن حصرها بكلمات.
لماذا هي ضرورة؟
الحوافز بالتعريف هي: المقابل الممنوح لقاء الأداء المتميز، ولا يجب النظر إليها باعتبارها جزءاً من متممات الأجور كما يحدث في بلادنا عند من يحسبون الدخول للعاملين، لأن ذلك يفقدها دورها التحفيزي ويحولها إلى تعويض عن انخفاض الأجر بنظر هؤلاء، وفي الوقت نفسه يتم إغفال متممات الأجر جميعها من حسابات الأجر التأميني للعامل، فأي تناقض هذا؟!.
في حين أن المفترض أن انخفاض الأجر يجب أن ينظر إليه على أنه مشكلة أخرى مستقلة ينبغي علاجها بالضرورة، لا التعامي عنها!.