(نبضة عمل).. على مدخل الغوطة

شاءت ظروف الحرب أن تكون (الوسيم) هي واحدة من الشركات العامة الناجية من خطر التدمير في ريف دمشق، الخطر الذي أحاق بها طويلاً وحوّل شركة تاميكو القريبة منها إلى (بقايا وأطلال).. قاسيون زارت الشركة السورية للألبسة الجاهزة (وسيم)، لترصد قدرات الصناعة العامة على تجاوز مراحل الصعوبات المتعددة التي مرت عليها قبل الحرب وبعدها.

الشركة التي أسست في منتصف السبعينيات تجاوز عمرها اليوم أربعين عاماً، وخسرت خلال الأزمة 60% من عمالها بين نقل وندب واستقالة، ولكن لا يزال حوالي 417 عامل وعاملة يصلون اليوم إلى شركتهم لتكون (نبضة حياة) في مكان مقفر.

قاسيون

عمل الشركة الرئيسي هو خياطة الألبسة الجاهزة في أقسام الشركة المتعددة، وكما يقول القائمون على إدارتها اليوم فإن هدف الشركة حين التأسيس، كان إنتاج اللباس العمالي، ولباس القوات المسلحة، إلا أنها دخلت لاحقاً إلى السوق وتصنيع الملابس الجاهزة المدنية.

مصمم واحد لإنتاج

 أكثر من 300 ألف قطعة

تتألف الشركة من ثلاثة أقسام رئيسية، المخبر، القص، وصالة الخياطة، بالإضافة إلى مستودعي الأقمشة الجاهزة، والألبسة الجاهزة. في المخبر ترسم النماذج من قبل المصمم، وتخرج لقسم القص، تدخل النماذج المقصوصة إلى قسم المنظومة، لتدخل إلى راسمة البترون، ليتم الرسم آلياً بالحجم الطبيعي، ثم تنقل لتفرد على القماش ويتم القص.

في قسمي المخبر والمنظومة والقص عدد العمال أقل من عدد العمال في صالة الخياطة بطبيعة الحال، حيث المراحل أكثر والعمل كمي، إلا أن الشركة التي تنتج 40% من إنتاجها من الألبسة المدنية لصالاتها، لا تملك إلا مصمماً واحداً.

ويعزو العاملون الأمر إلى أن المصمم والمقصدار في السوق، يحصلون على أجور عالية، ما يجعل استقطابهم إلى الشركة بمستويات الأجور الحالية مسألة شبه مستحيلة، مع غياب إمكانية المرونة في شروط التشغيل في الصناعة العامة، التي قد تختلف من صناعة لأخرى، كالتعاقد مع مصممين لساعات عمل محددة، وليس دوام كامل، ما قد يؤمن رفد الشركة بمصممين إضافيين يغنون العمل ويسدون ثغرة المواكبة في الموديل والنوع.

4 خطوط متوقفة

 تنتظر تعيين العمال

في صالة الخياطة يعمل الآن حوالي 16 خط إنتاجي، من أصل 20 خط، بينما تتوقف أربعة خطوط،  بحوالي 20-30 آلة على الخط، نتيجة نقص العمال، حيث أن حوالي 80- 120 آلة في الخطوط الأربعة تحتاج إلى عمال، وهو ما سيتم حله في شهر حزيران بعد أن حصلت الشركة على موافقة بإجراء مسابقة لتعيين حوالي 150 عامل، وهو استثناء نالته الشركة، في ظروف شبه توقف التعيين في القطاع العام الصناعي. يقول القائمون على الشركة، بأن التعيين في المسابقة الجديدة سيدخل حوالي 150 عامل جديد إلى المعمل مثبتين ويحل مشكلة نقص العمالة.

إن لنقص العمال، وتحديداً عمال صالة الخياطة أثر مباشر وسريع على الإنتاج في شركة الوسيم، كغيرها من شركات خياطة الألبسة الجاهزة، حيث أن كل عامل يقابل آلة، وعدم وجود العامل يجعل الآلة معطلة دون بديل.

توسيع الآلات من رأس مال الشركة

آلات الشركة كانت هنغارية عند التأسيس، ولا تزال بعض الآلات تعمل منذ السبعينيات، جرى تحديث جزء من خطوط الإنتاج، بآلات ألمانية، يابانية، وتايوانية، ولاحقاً صينية، ومنذ سنوات يتم الاستبدال بشكل سنوي لعدد محدد من الآلات، ضمن الخطة الاستثمارية، إلا أن استبدال 4-5 آلات سنوياً من أصل 450 آلة في المعمل، لا يشكل تغييراً نوعياً، والشركة تحتاج إلى تحديث خطوط إنتاجها. وهي قد وضعت 16 مليون ليرة من الخطة الاستثمارية التي تحتسب من رأس مال الشركة، لتأمين خط إنتاجي جديد، وستقوم الشركة في عام 2017 بدراسة لتكاليف إضافة ثلاثة خطوط إنتاجية.

60% للعسكري

 والعمالي و40% للمدني

تنتج الشركة اليوم 40% من إنتاجها تشغيل للغير، حيث تتم خياطة اللباس العسكري لصالح الجهات العامة، التي تؤمن الأقمشة، بينما تؤمن (وسيم) مستلزمات العملية الأخرى. مردود إنتاج اللباس العسكري مرتفع، ما دفع الإدارة إلى تجميع عمليات إنتاجه كلها في صالة الخياطة الكبيرة، لتكثيف وتسريع إنتاجه، بينما الصالة الأصغر أصبحت لخياطة المدني، التي تشكل نسبة 40% الأخرى من إنتاج الشركة، والتي تباع في صالاتها المتوزعة على الجزء الأكبر من المحافظات السورية حالياً، بينما تعتمد موزعاً لزبائنها في المنطقة الشرقية.

تنتج الشركة اليوم الطقم الرجالي بسعر 8500  ليرة، قريبة من التكلفة، حيث ينتج يومياً 10 بدلات رسمية، من 8 ساعات عمل باليوم، يعتبر العاملون عليه بأنه قادر على منافسة السوق من حيث الشكل والنوعية، وتحديداً من حيث السعر، حيث سعر البدلة الرسمية المماثلة في السوق لا يقل عن 13 ألف ليرة.

البدلات المدرسية هي واحدة من أهداف الشركة مع بداية الموسم المدرسي القادم، حيث أنتجت نماذج، وتم تشكيل فريق إنتاجي لدراسة البدلات المدرسية، وببداية الموسم يفترض أن تكون في الصالات، وفق النماذج فإن البدلة المدرسية قماش كتان، لم تقل تكلفتها عن 7000 ليرة، وسعرها لن يكون أقل من هذا.

بشكل عام تحصل الشركة على الأقمشة الجاهزة إما من الجهات العامة، وتحديداً لصناعة البدلات العسكرية، واللباس العمالي، بينما صناعة الألبسة الأخرى، فأقمشتها غير متوفرة أغلب الأحيان في معامل الصناعة العامة، وتعتمد الشركة على تأمينها عبر قانون العقود، بالشراء من السوق المحلية، التي تستورد أغلب أقمشتها وبالنسبة الأكبر في الظروف الحالية من الصين.

• توسع إنتاج الشركة خلال ثلاثة عقود بين 1980- 1990- 2002، بمعدل 220% زيادة، أي زيادة سنوية 10,4%.

انخفض الإنتاج الوسطي السنوي في الشركة بمعدل: -57% خلال فترة تحرير الأسواق السورية وعدم تجهيز • القطاع الصناعي العام للمنافسة بين 2002-2010، أي كانت الشركة تخسر سنوياً: -7% من إنتاجها.

• انخفض الإنتاج الوسطي السنوي في الشركة خلال فترة الأزمة بين 2011- 2015: - 26%، بخسارة وسطية سنوية: -4,3% فقط.

تثبت شركة الوسيم أيضاً الأثر السلبي لليبرالية الاقتصادية على الصناعة العامة، حيث خسّرت الشركة الصناعية العامة، ما أنجزته خلال العقود الأولى من الثمانينيات وحتى بداية عام 2000، وكان الأثر السلبي لمرحلة تحرير الأسواق، أعلى من أثر الحرب، ليتبين بأن الشركات العامة قادرة على تحقيق نتائج هامة كما في عام 2015، بمجرد سد ثغرة نقص العمالة، وتأمين التسويق، فماذا لو استمر دعم هذه الشركات، بتكاليفها الرئيسية، عوضاً عن رفع أسعار الكهرباء والمستلزمات الأخرى؟! بلا شك كانت ستتمكن من زيادة إنتاجها، توسيع رأس مالها، وتوزيع الأرباح على عمالها، عوضاً عن أجورهم الوسطية المنخفضة 24 ألف ليرة سورية، تقابلها تكاليف معيشة 220 ألف ليرة للأسرة شهرياً!.

آخر تعديل على السبت, 07 أيار 2016 16:52