بصراحة: من يضمن حقوق العمال الشهداء؟

في كل الأزمات السياسية، والأمنية، والاقتصادية التي يتعرض لها الوطن تكون الطبقة العاملة هي من يقدم الضريبة الأكبر، والأزمة التي نمر بها الآن مثال صارخ على ما قدمته الطبقة العاملة، وما تقدمه في كل يوم يتأخر فيه حل الأزمة الوطنية التي يحتاج حلها إلى جهود كل القوى الوطنية، والشعبية الحريصة على وحدة البلاد، وسلامتها أرضاً وشعباً، وفي مقدمة القوى الشعبية تلك الطبقة العاملة، حيث لها مصلحة حقيقية في الخروج الآمن من الأزمة الوطنية التي أصابت الطبقة العاملة في مقتل بسبب توقف معظم المعامل عن العمل في المناطق التي تشهد أعمالاً قتالية، ليس هذا فحسب بل إن الكثير من المنشآت الإنتاجية والخدمية أصيب بأضرار كبيرة تحتاج إلى إعادة تأهيل مرة أخرى حتى تصبح جاهزة للإنتاج والعمل، وكم من الأموال الطائلة تلزم لتعود ثانيةً تلك المعامل كما كانت عليه قبل تدميرها أو تخريبها على أقل تقدير؟ ومن الذي سيدفع الثمن الباهظ لذلك؟ من المؤكد أن الشعب السوري، وفي المقدمة منه الطبقة العاملة من سيدفع الثمن بينما من نهب حتى تورم من شدة النهب سيحاول الكرة ثانيةً وبوجه آخر لكي يعيد عملية النهب، والفساد التي أوصلت البلاد والعباد إلى ما وصلت إليه.

إن تطورات الأزمة على الصعيد الميداني يطرح العديد من التساؤلات عن الدور الذي قامت به النقابات سياسياً وإجرائيا خلال الأزمة الحالية من أجل الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة في القطاع العام والخاص، وفي مقدمة تلك المصالح الدفاع عن مكان العمل من أجل أن يبقى الإنتاج مستمراً باعتباره أحد أوجه الصمود والمقاومة للمشروع الإمبريالي الصهيوني الرجعي العربي، والإجابة عن التساؤلات مؤلمة ولكنها ضرورية، وستعبر عن موقف شجاع، وهو المطلوب في هذه الظروف المصيرية التي تمر بها بلادنا وشعبنا.

سياسياً: حشدت النقابات قواها وضاعفت جهودها  منذ بداية الأزمة في الاتجاه غير الصحيح، ولم تسعَ بشكل مسؤول في فتح الحوارات السياسية، والنقابية الضرورية مع العمال في مواجهة الدعاية والتحريض التي قامت بها القوى الأخرى من أجل جذب العمال إلى مواقعها والتأثير على وعيهم، والاستفادة من قواهم، حيث نجحوا في مهمتهم هذه على الأقل في التأثير على وعي العمال إلى حد ما وهو ما نشهده ونلمسه في الحوارات والمشاحنات التي تجري بين العمال في مواقع العمل وخارجها، وكذلك في حمل العديد من العمال السلاح بدون وعي لذلك، من خلال استخدام التحريض الطائفي، والتعبئة الدينية السلفية التي تعتبر الموقف المعادي من النظام هو جهاد، وبالتالي لابد من اتخاذ موقف يؤدي لعملية التغيير«الإسقاط»بكل الأشكال بما فيها باستخدام السلاح وفقاً للأجندة المطروحة خارجياً، وهذا السلوك لا يعبر عن إرادة التغيير الحقيقي باتجاه مصالح أغلبية الشعب السوري، ومنه أغلبية الطبقة العاملة السورية التي لم تنجر كطبقة إلى تلك المواقع بالرغم من الجراح المؤلمة التي أصيبت بها جراء السياسات الاقتصادية، وحالة التهميش، ومصادرة دورها المستقل في الدفاع عن حقوقها، ومصالحها حيث جرى الهجوم عليها بشكل قوي أدى إلى المزيد من الإفقار، والتدني في مستوى معيشتها.

إجرائيا:أثناء سير الأحداث جرى توقيف واعتقال الكثير من العمال تحت حجج مختلفة كان نتيجتها منع الكثير من العمال الموقوفين من العودة إلى أماكن عملهم، وهذا الإجراء حرم العمال من مصدر رزقهم الوحيد الذين يعيلون به عائلاتهم، ولا مصدر آخر لهم، وكان دور النقابات في معظم الحالات تلك أذناً من طين وأذناً من عجين أي أن العمال لم يعودوا إلى عملهم، وأيضاً تضرر الكثير من منازل العمال القاطنين في المناطق الساخنة، حيث أجبروا على ترك منازلهم وهاموا على وجوههم في أرض الله الواسعة باحثين عن مأوى يؤويهم وعائلاتهم، ولكن لا حياة لمن تنادي، وأصبحوا مهجرين في وطنهم.

العديد من العمال الذين استشهدوا، ولم يستطع ذووهم الحصول على شهادة وفاة أو ضبط من الشرطة يثبت وفاتهم، وهم بالضرورة معروفون من  أماكن عملهم بأنهم عمال، وهنا يأتي دور اللجان النقابية والمكاتب النقابية لتأمين حقوقهم واعتبارهم شهداء تنطبق عليهم كل الحقوق الواردة لذوي الشهداء.

القيادات النقابية في معظم المنشآت كانت غائبة عنها، وهذا يضعف الروح المعنوية عند العمال، ويجعلهم يتساءلون : هل القائد النقابي يكون قائداً في وقت السلم أم يكون كذلك في وقت الحرب أيضاً وفي مقدمة المدافعين عن المعامل، والمواقع الاقتصادية الأخرى؟

إن الحركة النقابية بكل قواها وهي ليست بالقليلة يمكنها أن تكون القائد الحقيقي في الدفاع عن الوطن إذا ما استخدمت تلك القوى الجبارة للطبقة العاملة السورية، باتجاه إنقاذ الوطن وعملية تغيير جذري حقيقي يعبر عن مصالح الشعب السوري.

أيها العمال الأبطال دافعوا عن أماكن عملكم فهي مستقبل الوطن أن يكون حراً وكريماً ومستقلاً، وهو مستقبل أولادكم.