معامل القطاع العام والهدر
قليلة هي المعامل التي استطاعت أن تستمر بالإنتاج رغم الأزمة الطاحنة التي تمر بها البلاد ، واكتفت أغلب المعامل التي لم تطلها يد الحرب بالإنتاج في حدوده الدنيا وذلك عبر تسيير بعضٍ من خطوط الإنتاج فقط بعدد محدود من العمال لا يتجاوز ربع عددهم سابقاً
الأزمة التي طالت عملية الإنتاج لحقت أيضاً بعملية التسويق، وقاد انحسار الأسواق السورية وتردي القدرة الشرائية إلى جانب سوء الإدارة أو فسادها إلى تكدس بعض المنتجات في المخازن أو حتى في العراء معرضة لاحتمالات التلف والسرقة كلها دون اتخاذ إجراءات فعلية لتصريفها بالشكل الأمثل، وبذلك غدت أموالاً مهدورة وجهوداً أنفقت سدى، وباتت المسؤولية- كما العادة- كرة يتقاذفها الجميع.
الزجاج المحجر
كميات هائلة من ألواح الزجاج المحجر تفترش العراء في ساحات الشركة العامة لصناعة الزجاج دون أبسط مقومات الحماية.. لا مكان لها في المخازن لأن المخازن نفسها تعج بأكداس وأكداس، فأينما جلت ببصرك ترى نثار الزجاج المهشم الذي كان من قبل ألواحاً زجاجية صنعتها أيد دؤوبة.. من الملام؟ تلام حيناً شركات القطاع العام التي رفضت أو تمنعت عن استجرار ألواح الزجاج المحجر من المعمل بحجة ألا حاجة لها لهذا النوع من الزجاج وأنها تريد النوع غير المحجر، وتلام أحياناً أخرى إدارة المعمل التي سبق أن تداولت بعض وسائل الإعلام المحلية معلومات تفيد بتورطها في صفقة مشبوهة لشراء كميات كبيرة من المادة الأولية من القطاع الخاص. وفي ظل التعتيم وغياب أية تفاصيل أو معلومات دقيقة توضح أسباب هذه المشكلة، تبقى كميات هائلة من ألواح الزجاج منسية في العراء في حين تحتاج آلاف البيوت السورية التي دمرتها الحرب إلى كميات كبيرة منها
الذهب الأبيض
وللقطن المحلوج حكاية مشابهة.. فقد جرى الحديث مراراً عن كميات معدة للتصنيع بعد معالجتها وحلجها، لكن توقف معامل النسيج أو عدم سيرها بالوتيرة نفسها لمعامل الحلج قاد إلى تكدس كميات كبيرة منها ما قد يعرضها إلى الفساد إثر تخزينها لفترات طويلة، كما أنها تشكل خطورة على المعامل نفسها لأنها شديدة القابلية للاشتعال، فما الإجراءات التي اتخذها المعنينون لحل هذه المشكلة التي جرى التطرق إليها في الاجتماعات العمالية على مسمع الحكومة ووزاراتها المعنية؟ سؤال لا جواب له إلا على السطور، في ظل معلومات تؤكد وجود 10 آلاف طن من القطن المحلوج المكدس، ما يوضح بما لا يدع مجالاً للشك وجود ما يسميه البعض «ترهلاً إدارياً» و «سوء إدارة».. وبالطبع تتعدد المسميات والفساد واحد..