المؤتمرات السنوية للاتحادات المهنية تختتم أعمالها..
القطاع العام ليس خياراً في سورية بل ضرورة وطنية وتنموية بامتياز
اختتمت صباح الخميس الماضي أعمال المؤتمرات النقابية السنوية للاتحادات المهنية بعد أن ناقشت واقع العمل النقابي في مختلف أوجه نشاطه خلال العام الماضي واقفة عند أبرز الصعوبات التي تعاني منها الشركات التابعة لقطاع عمل كل اتحاد مهني، وطالبت المؤتمرات بالإسراع بإنجاز مشروع إصلاح القطاع العام والابتعاد عن التسويف في حل مشكلاته وذلك بوصفة قطاعاً حيوياً أسهم في بناء سورية واستقلال قرارها السياسي داعية إلى وضع حد لجشع التجار وفلتان الاسواق والارتفاع الكبير في الأسعار.
كما أوصت المؤتمرات بضرورة تكثيف الجهود لحل مشكلة العمالة المؤقتة في سورية خاصة مع اقتراب انتهاء المهلة المحددة للمرسوم التشريعي الذي نص على التثبت داعية إلى إعادة النظر بقانون العمل رقم 17 وإيجاد الآليات الكفيلة بصون حقوق العمال وحمايتهم.
وقد أوصى المؤتمر السنوي للاتحاد المهني لنقابات عمال الغزل والنسيج الذي قدم تقريراً شاملاً لهذه الصناعة منذ 2007 وحتى تاريخه، بإصدار قرار حكومي بتقديم الدعم المالي لمدخلات الصناعة للمساعدة على الاستثمار في مجال قطاع الغزل والنسيج وإعادة النظر بالتعرفة الجمركية للغزول أو النسيج المستورد والعمل على دعم صادرات الألبسة الجاهزة على القيمة المضافة، وليس على كامل الفاتورة وخاصة الأقمشة المستوردة التي تصنع داخليا.
الحلو: عدم وجود إرادة وتصميم لدى الحكومة على الإصلاح
عمر الحلو رئيس الاتحاد المهني لعمال الغزل والنسيج تحدث في كلمته إلى أعمال المؤتمر عن الاستحقاقات التي تنتظر النقابيين في الدفاع عن حقوق العمال ومصالحهم، داعيا إلى مراجعة خطط العمل في كل المجالات، ومتسائلا: أين أصبح مصير مشروع إصلاح القطاع العام الصناعي الذي يضم عددا كبيرا من العمال، ويشكل ضمانة اجتماعية واقتصادية لكثير من فئات الشعب منوها بهذا الخصوص إلى عدم وجود إرادة وتصميم لدى الحكومة على إصلاح هذا القطاع، حيث هناك من يضع العصي في العجلات.
ودعا الحلو إلى إعادة النظر بالتعرفة الجمركية بالنسبة للنسيج والغزول المستوردة من خلال فرض رسوم إغراق عليها للمحافظة على المنتج المحلي لدعم الصناعة الوطنية مؤكدا على ضرورة إصدار قانون صارم لمن تسول له نفسه تهريب بضاعة من الخارج إلى الداخل تحت أي مسمى، وخاصة النسيج والألبسة لأنه يضر بالصناعة السورية والاقتصاد السوري في الآن معا، إضافة إلى العمل لإعادة النظر بمستوردات البالة ووضع ضوابط حازمة على هذه المستوردات التي تدخل السوق المحلية وتؤثر على صناعة الألبسة الوطنية والمحلية.
وعبر الحلو عن أمله أن تصدر اللجنة الاقتصادية تعليماتها بحسم 20% من قيمة سعر القطن المعلن عالميا أسوة بالتجربة الهندية بهدف دعم الصناعيين والمؤسسة العامة للصناعات النسيجية بما يؤدي إلى الإقلال من التكاليف وزيادة الإنتاج، وتشغيل أكبر عدد لليد العاملة في مجال صناعة الغزل والنسيج والملابس والمنافسة في الإسواق الخارجية.
الكنج : البعض يطالب بضرب الدور السياسي والاجتماعي للقطاع العام
من جانبه عزت الكنج نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال تحدث عن مشروع إصلاح القطاع العام الصناعي قائلاً: لقد شاركت الحركة النقابية منذ عام 2000 في مشروع الإصلاح الاقتصادي، ووضعنا مسودة مشروع لإصلاح القطاع الصناعي لكن حتى اليوم لم تتوفر النوايا الصادقة من أجل إصلاح القطاع العام.
وأوضح الكنج أن السياسات الاقتصادية خلال الخطة الخمسية العاشرة لم تكن منسجمة مع مفهوم اقتصاد السوق الاجتماعي بمعناه تحقيق العدالة أي معدل النمو لمصلحة كل فئات الشعب بل كانت الفائدة تصب في مصلحة اصحاب راس المال لأنه لم يكن ناتجاً عن اقتصاد انتاجي بل اقتصاد ريعي.
ونوه الكنج: ليس الخطأ في اقتصاد السوق الاجتماعي بل بالإجراءات الاقتصادية التي تمت خلال الخطة الخمسية العاشرة، مؤكدا على مطلب النقابات الأساسي في اصلاح القطاع العام الصناعي، وذلك لأهميته من المنظور السياسي اولا ثم الاجتماعي ثم الاقتصادي مشددا على ان كل من يطالب بالتقليل من هذا القطاع يطالب بضرب الدور السياسي والاجتماعي لهذا القطاع، لأن القطاع العام ليس خياراً في سورية بل ضرورة وطنية وتنموية بامتياز لذلك نتمسك به.
وأشار الكنج إلى أن كل ما يقال بأن القطاع العام يشكل نزيف للخزينة هو إشاعات بقصد الترويج لخصخصته مشددا على ان العمال والفلاحين يشكلان الحامل الاجتماعي للنظام السياسي الذي حقق للطبقة العاملة وحققت سورية من خلاله مواقف مشرفة لكل عربي شريف على امتداد ساحة الوطن.
وشدد الكنج على ضرورة التوسع بصناعة الغزول والتكامل الرأسي في صناعة الغزل بسورية لافتا إلى أن كل الصادرات السورية هي مواد خام دون تحقيق اي قيمة مضافة وداعيا إلى ضرورة معالجة هذه الثغرة في الخطط المستقبلية.
كما طالب التقرير المقدم للمؤتمر بضخ الاستثمارات لتطوير القطاع العام وتحديثه فنيا وإداريا ومواكبة ما توصلت إليه التكنولوجيا العالمية من تطور وتقنية وإصدار قانون لإصلاح القطاع العام الصناعي، ووضع خطط متطورة لإعادة تدريب وتأهيل العاملين وخاصة الكادر الاداري والفني والتسويقي.
ودعا التقرير إلى ضرورة العمل على منح تعويض الاختصاص لخريجي المعاهد المتوسطة الذين تم تعيينهم بعد عام 1985 وتهيئة وتأهيل شركات الغزل والنسيج بحيث تكون قادرة على المنافسة بالنوعية والجودة والأسعار في ظل انفتاح الأسواق والمنافسة الشديدة، اضافة إلى استبدال قسم الغزل المخصص لإنتاج الخيوط الصنعية والممزوجة في الشركة العامة للصناعات الحديثة بدمشق لمواكبة حاجة السوقين الداخلية والخارجية.
بدورهم دعا أعضاء المؤتمر إلى الزام أصحاب العمل في القطاع الخاص بوضع أنظمة داخلية لمنشآتهم تشرح ضمان حقوق العمال المرعية وعدم تهرب أصحاب العمل من تنفيذها ورفع تعرفة الحوافز الانتاجية في شركات الغزل والنسيج بما يتناسب مع الزيادات الحاصلة على الرواتب والأجور لتشجيع العمال على زيادة الانتاج وخفض الهدر وفتح سقوف الرواتب والأجور للمحافظة على الكوادر والخبرات.