بصراحة: النقابات بين الاستقلالية والاستقلالية المنقوصة؟

بصراحة: النقابات بين الاستقلالية والاستقلالية المنقوصة؟

في اليوم الأول من اجتماع المجلس العام لنقابات العمال جرى طرح العديد من المواقف المتعلقة بآليات العمل التنظيمي لأعضاء الحركة النقابية، أي جرى التشديد على دور النقابيين للقيام بمهامهم النقابية، وهذا من حيث المبدأ صحيح أن يشدد مجلس الاتحاد العام على القيام بالأداء الأفضل من أجل الدفاع عن مطالب العمال وتحصيل حقوقهم، كونه أعلى سلطة نقابية وقانونياً له الحق أيضاً بتقييم أداء أعضائه سلباً أو إيجاباً، بما يطور من أداء الحركة النقابية ويعزز دورها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وهذا الدور لا يستقيم مع الاستمرار في تبني المادة الثامنة التي لم تعد موجودة في الدستور الجديد، ولكن ما زال العمل جارٍ بها، وهذا ما جعل التهديد والوعيد للكوادر النقابية في حال تقصيرهم أن «يرمى» بهم خارج الحركة، هكذا ببساطة «من أتى بقرار يذهب بقرار »

وهذا القول يحمل تفسيرين لا ثالث لهما: إما أن قرار اختيارهم لم يكن صحيحاً وجاء لاعتبارات عدة، لسنا بصدد ذكرها أو للطريقة التي اتبعت في سير العملية الانتخابية التي لم تكن صحيحة، وجاءت بنقابيين غير قادرين على حمل تبعات النضال النقابي والعمالي، وفي كلا الأمرين لا تتحمل الحركة مسؤولية الخيارات الغلط من أية جهة كانت لأن الأصل في الانتخابات العمالية الاختيار الواعي والحر دون تدخلات في إرادة العمال باختيار مرشحيهم « أهل مكة أدرى بشعابها » وما قدم من خيارات للعمال أنتج هذه الحالة التي تريد سدة رئاسة الاجتماع أن تلقي بهم إلى خارج الجسد النقابي.    

 

الحركة النقابية المتكونة تاريخياً على أساس استقلالية قرارها الذي مكنها من اتخاذ المواقف الوطنية، والتي خاضت معاركها الأساسية في مواجهة الاستعمار الفرنسي والأحلاف الاستعمارية، استمرت بهذا الموقف في المفاصل كلها التي كان يتعرض فيها الوطن لعدوان، والآن في ظل الأزمة الوطنية برهنت الحركة النقابية والطبقة العاملة عن موقف شجاع حيث حافظت على جسدها التنظيمي وفعاليتها تجاه علاقتها بالطبقة العاملة، ولولا تكوينها التاريخي الوطني والطبقي، لما تمكنت من العمل إلى هذه اللحظة وموقفها هذا سيعطيها الإمكانية للعب دور مهم في الدفاع عن مصلحة أغلبية الشعب السوري، والمتمثل بإعادة توزيع الثروة المنهوبة لصالحهم وهذا الدور المناط بالحركة النقابية في جوهره، الدفاع عن الوطن والدفاع عن الاقتصاد الوطني، في مواجهة السياسات الليبرالية التي تلمست النقابات مخاطرها في وقت مبكر، وكانت معيقةً لها إلى جانب القوى الوطنية التي عرَّت مخاطرها السياسية والاقتصادية وأهدافها في وقت مبكر أيضاً.

آخر تعديل على الأحد, 27 كانون1/ديسمبر 2015 12:26