مهلاً هي دعوة للتسريح.. أم ماذا؟
ليس بدءاً من إلغاء المرسوم رقم 49 لعام 1962 القاضي بمنع التسريح التعسفي، إلى المواد التي تسمح بالتسريح التعسفي للعمال في قانون العمل رقم 17 لعام 2010 في القطاع الخاص، إلى المادة رقم 137 من قانون العاملين الموحد لعام 2004 إلى تسريح العمال تحت حجة انتهاء عقودهم المؤقتة، إلى تسريح العمال بحجة العمالة الفائضة، يجري صناعة كل الظروف الليبرالية الملائمة لزعزعة الأمن الاجتماعي، وفقدان الحماية القانونية للعمال، عبر التسريح التعسفي للعمال تحت مختلف الحجج والمواد القانونية التعسفية.
تصريح وزير الصناعة
في تصريح لوزير الصناعة حمّل فيه الإدارات مسؤولية العمالة الفائضة، التي نقلت إلى خطوط إنتاج تعمل أساساً، بعد تعرض الخطوط والشركات التي يعملون فيها للتخريب، قال: إن هذه العمالة بالمفهوم الاقتصادي هي «عمالة فائضة وتشغيلها بهذا الشكل زاد من كلف الإنتاج»، وأن القضية «ليست بالعامل إنما برب العمل» الذي لم يجد عملا لهؤلاء العمال، وأكد بأن حقوق العمال مصانة وقال: أنه توجد أخطاء شبيهة بالأمراض بعضها يمكن معالجته «والآخر يحتاج إلى البتر».
اختلفت المسميات والتسريح واحد
لا يهم ما هي الحجج التي تبرر فيها الحكومة عمليات التسريح الجماعي للعمال «عمالة فائضة خطوط إنتاج متوقفة» كل هذه التبريرات لا تلغي مسؤولية الدولة، ورمي الكرة بتجاه الإدارات وتحميلها المسؤولية، هو هروب إلى الأمام لذلك يجب على الحكومة تحمل مسؤولياتها في فتح جبهات عمل جديدة، وتشغيل العمال الذين دمرت منشأتهم، وانقاذ المعطلين عن العمل وإيجاد فرص عمل لهم، لأن حالة الحرب التي تعيشها البلاد تتطلب تحصين الجبهة الداخلية، فعمالنا الواقفون على خطوط الإنتاج، والعمال الذين يرزحون تحت خط الفقر والبطالة، هم الوطن الذي تدور رحى الحرب حوله، ولإنقاذ الوطن يجب حماية العمال وحماية الإنتاج وتطويره، والحفاظ على ما تبقى منه، إن هذا التصريح يضع هؤلاء العمال الذين ليس لديهم حيله إلا أن يستمروا في العمل، بالمكان الذي تحدده لهم إداراتهم في موقع «المُسرح في أية لحظة» ويهددهم في رزقهم ولقمة عيشهم. كما أن تسليط الضوء على فكرة أن العمال الفائضين في المؤسسات يسببون «زيادة في كلف الإنتاج»، ليس له مبرر فليس العمال من يسببون ارتفاع تكلفة الإنتاج بل ما يسببه الفساد الكبير والنهب والسياسات الخاطئة والتبعية للرأسمالية العالمية، وفتح النار على الإدارات بهذا الشكل لا يحل المشكلة، بل يجب تصويب النار على الفساد الكبير والسياسات الليبرالية التي أوصلت البلاد والعباد لما نحن عليه اليوم، ففي هذين الوباءين يكمن المرض الذي تحدث عنه الوزير لذلك يجب القطع النهائي مع السياسيات الليبرالية وبتر واستئصال الفساد الكبير.
قوى الفساد والليبرالية
ما زالت الحكومة بسياساتها، تعبد الطريق لقوى الفساد والنهب، لتسلب أكثر من الطبقة العاملة، مكتسباتها وحقوقها العمالية، ومازال العمال أيضاً يئنون تحت وقع الضربات المتتالية عليهم، وحرمانهم من حقوقهم المشروعة، وفي مقدمتها حقهم بالعمل، ومحاربتهم في لقمة عيشهم وأجورهم.
للنقابات كلمتها
كان للكوادر النقابية في اجتماع مجلس الاتحاد العام لنقابات عمال سورية، مع الحكومة، بتاريخ 23/24/ 2015 رأي في الكثير من القضايا التي تعاني منها الطبقة العاملة السورية، ومنها التسريح التعسفي، وتثبيت العمال المؤقتين والتسرب من العمل، وطرح النقابيون أمثلة عمّا تعانيه الطبقة العاملة السورية في عدة قطاعات إنتاجية، مما زاد الشرخ بين الحكومة وممثلي العمال واسقط النقابيون في المجلس بطروحاتهم «موضوعة الحكومة والنقابات شركاء» وأثار النقابيون العديد من المواضع التي أثرت سلباً على العمال، مطالبين الحكومة بتنفيذ ما وعدت به، فقضية تسريح العمال هي أحد المواضيع التي تساهم في هذا الشرخ.