عمال الإسمنت.. العقود السنوية حلّ غير مستقر لمشكلة كبرى!
بادر الاتحاد العام لنقابات العمال، والاتحاد المهني لنقابات عمال البناء والأخشاب، إلى الدعوة لملتقى مهني بعنوان: (صناعة الإسمنت في سورية) بتاريخ 15-8-2015، حضرته إدارات معامل الإسمنت العامة وإدارة مؤسستها، ووزير الصناعة.
وبدأ النقاش بالجانب التقني في المعامل، ثم انتقل إلى الجانب العمالي، ليعرض المدراء الأوضاع العمالية، قاسيون تستعرض أهم المعلومات المطروحة وتناقشها، كما أهم تجارب عمال الإسمنت النوعية في حماية معاملهم وتطويرها خلال الحرب.
عمال أقل من الملاك العددي..
أشارت الشركات جميعها إلى وجود نقص في أعداد العمال المثبتين لديها، عن الملاك العددي للشركة، وهو ما أنتج ظاهرة العمال المياومين بأعداد كبيرة ولفترات طويلة في هذه الصناعة.
ففي حماة أكد مدير الشركة أن الملاك من حيث العدد جيد، ولكن نتيجة التسرب الطبيعي، فإن عدد العمال أقل من الملاك بمقدار 135 عامل، يتم تعويضهم بالعمال المؤقتين والمياومين.
أما في إسمنت عدرا فإن مرسوم الملاك العددي للشركة ينص على حاجتها إلى 1000عامل، قابلة للتوسع، حالياً يوجد 700 عامل كمراكز قانونية بحسب مدير الشركة، إلا أن عدد العمال الفعليين 650 عامل، وخمسين آخرين وضعهم معلق لظروف أمنية.
تم ندب عمال للشركة من شركات أخرى، إلا أن هؤلاء العمال أغلبهم من الفئات الرابعة والخامسة، بينما النقص في الشركة هو العمالة المتخصصة من الفئتين الأولى من حملة الإجازات الجامعية، والثانية من خريجي المعاهد المتوسطة. حيث قدمت الشركة إلى وزارة الصناعة طلب الإعلان عن مسابقة لتوظيف 123 عامل من الفئتين المذكورتين، وإلى الآن لم يتم ذلك.
أما بالنسبة للعمالة المؤقتة، أو عمال الفاتورة فقد اعتبر مدير عدرا بأن أعدادهم بالحدود الدنيا.
شركة طرطوس كان لديها العدد الأكبر من العمال المؤقتين وعمال الفاتورة، حيث أن الملاك العددي للشركة يبلغ 2300 عامل، بينما العدد الفعلي حالياً قرابة 1757 عامل والنقص بحدود 550عامل.
لفت مدير شركة طرطوس إلى أن عمال الشركة بسبب عدم التعيين وإجراء المسابقات، هم من فئات عمرية متقاربة، وهناك نقص في العمالة الشابة، كما أن نسب التسرب الطبيعي بسبب التقاعد والاستقالات أدت على سبيل المثال إلى انخفاض عدد العمال بين 9-2014، و شهر 8-2015 من 1950 عامل إلى 1757 عامل!
عمال الاحتياط و20 آخرين في طرطوس..
تم حل أوضاع 844 عامل مؤقت في شركة طرطوس، وذلك بتثبيتهم وفق عقود سنوية، ليحصلوا على ميزات الطبابة والضمان، والترفيع، وتعويض المعيشة 4000 ل.س، وغيرها،
إلا أن العمال المياومين، الذي ذهبوا إلى الخدمة الاحتياطية لم يثبتوا كعمال الفاتورة الآخرين حتى اليوم، وقد طرح المؤتمر هذه المشكلة، وأكدت النقابات ضرورة حلها، انطلاقاً من التاريخ الحالي، بالإضافة إلى حوالي 20 اسم من العمال الذين (سقطوا سهواً) ولم يتم تثبيتهم.
أصرت النقابات في المؤتمر، على ضرورة أن ترسل الشركات كافة قوائم بأسماء عمال الفاتورة والعمال المياومين، مع تاريخ بدئهم بالعمل، ليتم تثبيتهم وفق عقود سنوية، كما في طرطوس، وعلى الرغم من أن خطوة التثبيت وفق العقود السنوية جيدة، إلا أنه من الضروري أن نسأل: لماذا لم تطرح النقابات حل المشكلة بشكل كامل، عبر تثبيت العمال ضمن الملاك العددي للشركات، طالما أن الشركات بحاجتهم، بل بحاجة توسيع العمال، وزيادة الاختصاصيين منهم وليس تعويض التسرب فقط؟! وتحديداً بأن وزير الصناعة أقر بتأخر الوزارة في عمليات تعيين عمال جدد، وما الفائدة من (القناعة) بالعقود كطريقة غير مستقرة للتشغيل، وترك الأمور معلقة بمسألة تجديد العقود سنوياً مع احتمالاتها؟!
إذا لم تحل مسألة إعادة تعيين العمال الشباب في القطاع العام الصناعي، فإن الإدارات ستلجأ إلى تعيين العمال المؤقتين لإنجاز مهماتها، واستمرار إنتاجها، وعلى النقابات أن تركز على مهمة القوى العاملة ودورها الإنتاجي، وضرورة توسيعها وإيلائها حقوقها، وتحديداً في مواجهة موجة التشاركية مع القطاع الخاص، التي تتناقض مع توسيع العمالة الضرورية وتثبيتها، والتي تتبناها وزارة الصناعة كعنوان عريض في الاستراتيجية، وتوافقها وتسلم معها الكثير من القيادات النقابية كما ظهر في المؤتمر..
الرستن تجربة حماية المعمل
معمل اسمنت الرستن أصبح متوقفاً عن العمل منذ خروج مدينة الرستن عن السيطرة، إلا أن الملفت أن كلاً من عمال المعمل وإدارته، مع عائلاتهم استطاعوا المحافظة على المعمل دون أن يطاله أي تدمير أو تخريب أو حتى عمليات سرقة، وذلك بالدرجة الأولى بإقامتهم في المعمل، وبوصولهم إلى صيغ تفاهم مع حملة السلاح في تلك المنطقة، ما أبقى آلات المعمل وبناءه بكامل الجاهزية، بانتظار فتح الطرق، وإمكانية إيصال المواد والمستلزمات..
عمال عدرا.. خبرات صيانة بديلة
كانت شركة إسمنت عدرا قد تعاقدت مع شركة صيانة مصرية، لتأهيل خطوطها، ورفع الطاقة الإنتاجية، إلا أن ظروف الحرب وتوقف الشريك المصري، سمح لعمال الشركة بإظهار مهاراتهم، فاستعانوا بخبرات محلية من شركة الشهباء وغيرها، وشكلوا فريق فني تجريبي على اعتبار أن العمال غير متخصصين بصيانة آليات الإسمنت، بل باستخدامها، وقد نجحت التجربة في رفع الطاقة الإنتاجية للخطوط إلى 750 طن، وهي أقل من الطاقة التصميمية البالغة 800 طن، بخمسين طن فقط! وذلك خلال 3-4 أشهر للخط الأول، و17 يوماً فقط للخط الثاني. وتم بناء عليه فسخ العقد مع الشركة المصرية.
مع العلم بأن الشركة استلمت الخطوط منذ عام 1978 بطاقة 800 طن، وإلى اليوم تعمل الخطوط بطاقة إنتاجية 750 مليون طن، بفضل عمال الصيانة والخبراء المحليين.