بصراحة: السلَة الغذائية

يستمر التدهور بالوضع المعيشي، الناتج عن انخفاض القيمة الاسمية والفعلية للأجور، والارتفاع الجنوني للأسعار، الذي يسير كوحش منفلت من عقاله ليأكل الأخضر واليابس، ويؤدي إلى تفاقم الأوضاع المعيشية للفقراء عموماً والطبقة العاملة خصوصاً.

 هذا الوضع البائس لم يحرك أحداً من ذوي الأمر والنهي، من أجل التخفيف ولو قليلاً من تلك المآسي والآلام عبر التحكم بأسعار الأسواق، من قبل أجهزة الدولة المختلفة المعنية بالتوزيع، والمعنية بضبط الأسعار بالأسواق. ولكن على ما يبدو أن الأجهزة تلك ليس في حسبانها ولا بمقدورها القيام بعمل ما، خاصة ونحن في شهر رمضان، حيث السائد فيه المزيد من رفع الأسعار، نتيجة الطلب الزائد على المواد الغذائية أي التحكم في لقمة الفقراء.

إن قوى النهب والفساد الكبير، عبر تبني السياسات الاقتصادية الليبرالية، استطاعت أن تعيد رسم الواقع الاقتصادي وتتحكم بمآلاته بالشكل الذي يحقق مصالحها، ومصالحها تكون في مركزة الثروة، وهذا يعني المزيد من الإفقار والتهميش وضياع حقوق الطبقة العاملة، فيما تنتجه من خيرات مادية، على الرغم من الأزمة التي يعيش فقراء الشعب السوري في دوامتها،  وهو من يحصد نتائجها جوعاً وقتلاً وتهجيراً واعتقالاً وخطفاً.

جاء في الرؤية الاقتصادية الاجتماعية التي طرحتها النقابات مؤخراً، قضية في منتهى الأهمية من حيث إمكانية تخفيفها جزءاً من المعاناة، وهي السلة الغذائية التي تكون على أساس قياس مستوى المعيشة الحقيقي للشعب السوري عموماً، وللطبقة العاملة خصوصاً، وذلك عبر وضع سلة استهلاك تشمل الحاجات الضرورية المتنامية، ويتم تعديل أسعارها بشكل مستمر مع تغير أسعار السوق، وتعديل تركيبتها بشكل دوري لتشمل الحاجات المتزايدة، وهذا العمل يحتاج إلى تبنٍ حقيقي من النقابات باعتباره جزءاً مهماً من أجور العمال المنخفضة، التي تحتاج إلى نضال عالي المستوى من أجل زيادتها من مصادرها الحقيقية، كما ذكرنا وهذا في مضمونه أيضاً يساهم في إعادة الإنتاج إلى الواجهة  اعتماداً على المواد الأولية المحلية، وكذلك تؤدي إلى تشغيل لليد العاملة.

 

إن إنجاز السلة الغذائية في هذه الظروف، يتطلب من النقابات حراكاً واسعاً يخرج عن إطار التوصيات التي اتخذت في المنتدى الاقتصادي، كي لا تبقى التوصيات المتخذة حبراً على الورق، كغيرها من القضايا الكثيرة التي جرى طرحها، وبقيت دون أن ترى النور، مثل: إعادة العمال المسرحين بمختلف أشكال التسريح من غير وجه حق، والذين حتى الآن لم  يعادوا إلى عملهم بالرغم من الوعود الكثيرة التي جاءت من كبار وصغار المسئولون ممن لديهم سلطة القرار.