بصراحة: المطلوب اقتصاد مقاوم!
«الواقع الاقتصادي وتعزيز مقومات الصمود» هو عنوان الملتقى الاقتصادي العمالي الأول، الذي دعى إليه الاتحاد العام لنقابات العمال للحوار في الوضع الاقتصادي، في ظل الأزمة الوطنية، من أجل الوصول عبر الحوار إلى مخارج حقيقية للأزمة الاقتصادية الخانقة، وانعكاساتها السياسية والاجتماعية، لتعزز مقومات الصمود. كما عنون الاتحاد في مقدمة المحاور المطروحة للنقاش، وهي محاور تستدعي التوقف عندها لأهميتها في هذه اللحظات من عمر الأزمة.
المُطِّلع على جدول أعمال الملتقى، يلاحظ التركيز على النتائج التي أفرزتها الأزمة، وكيفية الخروج منها، وهذا بحد ذاته جيد. ولكن لماذا غاب عن المحاور، الجذر الحقيقي الذي له دور مهم في تجميع عوامل انفجار الأزمة؟ ونقصد هنا: السياسات الاقتصادية الليبرالية، التي مازال دورها كبيراً في تعميق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ولا يمكن التحدث عن مخارج حقيقية، دون رؤية المسببات الأساسية التي ساهمت وما تزال تساهم إلى حد بعيد، في ضرب آية إمكانية وطنية تعمل على وضع قاعدة الانطلاق لخلق اقتصاد لا يعزز حالة الصمود فقط، بل يعمل على خلق اقتصاد مقاوم يلعب الدور الأساسي في تأمين الحاجات الأساسية والضرورية للشعب السوري، الذي تنتهك حقوقه وكرامته، من قوى الفساد الكبير المتحكم الفعلي بالاقتصاد الوطني والمقرر لتوجهاته الحالية واللاحقة.
إن غياب النقاش في الدور الذي لعبته السياسات الاقتصادية الليبرالية، في إعادة توزيع الثروة والتمركز الشديد لها، يعني غياباً للمهمة الأساسية المفترض الانطلاق منها لرؤية أي نهج اقتصادي نريد، من أجل تعزيز مقومات الصمود والمقاومة، التي عملت تلك السياسات على إضعافهما. وهذا ليس رأينا لوحدنا، بل هو رأي شاركتنا به العديد من القوى الوطنية وعبرت عنه النقابات بأشكال مختلفة، سواء من خلال التقارير الاقتصادية، أو من خلال ما يطرحه الكادر النقابي، الذي استشعر مبكراً المخاطر المحدقة بالاقتصاد الوطني، ومنه القطاعين العام والخاص المنتجين، وانعكاس تلك السياسات على حقوق ومصالح الطبقة العاملة السورية.
إن الحركة النقابية، بفتحها باب الحوار لإيجاد مخارج وطنية لأزمة الاقتصاد السوري، سيترتب عليها مهمات اقتصادية واجتماعية وسياسية، وفي مقدمتها: الدفع باتجاه الحل السياسي، الذي هو المدخل الأول لحل الأزمات الاقتصادية التي لن يكون حلها إلا سياسياً، وهو يعبر عن المصلحة الجذرية للطبقة العاملة التي هي بالمحصلة مصلحة الشعب السوري، بأغلبيته الفقيرة، وفي مقدمتها إعادة توزيع الثروة المنهوبة لأصحابها الحقيقين.