حكومات السياسات الليبراليّة واتساع رقعة الفقر
إنّ السياسات الاقتصادية الليبراليّة، التي رسمت ونفذت في السنوات العشرة الأخيرة، أدت أوتوماتيكيّاً إلى تراجع مستويّات المعيشة لغالبية المواطنين.
هذه السياسات هي ذاتها التي لعبت دوراً في اتساع رقعة الفقر والبطالة، واتساع رقعة «العمالة» الفقيرة التي لم تعد تملك ثمن لقمة عيشها، العمالة التي تعمل وتحصل على أجور غير كافيه، لا تكفي لتغطية حاجاتهم وحاجات أسرهم الأساسيّة، هذا الأمر دفع آلاف الأسر لإلحاق أبنائها في سوق العمل، أو دفعها للهجرة، والتي بدأت بالشباب ولم تنته بانخراط الأطفال في سوق العمل، بشكل متفاقم، سواءً عملاً أو تسولاً، بالإضافة لبيئة العمل الطاردة للعمل في غالبية القطاعات الاقتصاديّة جراء الأزمة، والتي يشكل الانخفاض الملموس في مستويّات الأجور أبرز سماتها، إذ أن معدل الأجور لا يكفي الأسبوع الأول من الشهر، رغم ساعات العمل الطويلة، أو العمل على دوامين وحرمان قطاعات واسعة من حقهم في الحمايّة الاجتماعيّة والتسجيل في التأمينات، إذ أن ما يقارب 90%، من القوى العاملة تعيش على «الديون»، ولا تتمتع بأيّ شكل من أشكال الضمان الاجتماعيّ الحقيقيّ، والخوف من الاستقرار الوظيفيّ، وسهولة عمليات الفصل من العمل والتسريح التعسفيّ، وكذلك حرمان الغالبية الساحقة من الطبقة العاملة، من حقوقها المصانة دستوريّاً، ويضاف إلى ذلك المنافسة غير العادلة بين القطاعين العام والخاص، والناجمة أصلاً عن ضعف إدارة سوق العمل وتنظيمه من وزارة العمل التي زادت ضعفاً في السنوات الأخيرة.
إن جملة هذه العوامل أدت إلى تضييق الخيارات أمام الشباب، وتقزيم أحلامهم الكبيرة التي يحملونها، وتحولت الكثير من هذه الأحلام عند الكثير منهم، إلى البحث عن مصدر الرزق كيفما كان، بما فيه الانضمام للكتائب المسلحة، لقد بات مطلوباً من الحكومة وبشكل ملح، الانتباه الى الأسباب الأساسية التي أدت الى تضييق الخيارات أمام الشباب، من خلال إعادة النظر بشكل جذريّ بالسياسات الاقتصاديّة الليبراليّة المتبعة سابقاً وحاليّاً، والتركيز على خلق فرص عمل حقيقيّة وبشروط عمل عادلة، تقلص من حجم الهجرة المستمرة منذ العام الثانيّ من الأزمة.
فهل ستعوّض الحكومة ما خسرته من اليد العاملة الفتيّة التي تبنى على أكتافها الأوطان.!؟