بصراحة: الإعلام النقابي المطلوب
الإعلام بأشكاله وألوانه كلها، له تأثير مباشر في تكوين الرأي العام تجاه أية قضية سياسية أو اقتصادية اجتماعية، بعد أن أصبح ميسراً ومتاحاً للجميع بفضل التطور العلمي والتكنولوجي، وهو يعكس مصلحة ورأي القوى الممولة والمديرة له،
لهذا تطورت وسائل الإعلام وتطورت أدواتها وتقنياتها وأصبح قسم منها متخصصاً في استهدافاته لشرائح مجتمعية بعينها، يريد إيصال الرسائل المطلوب إيصالها وعبرها، لتضليلها وتغيير مواقفها بالضد من مصالحها المباشرة والاستراتيجية، كما حصل عندنا عندما جرى تبني اقتصاد السوق الاجتماعي، وتقديمه كبديل ومنقذ للوضع الاقتصادي، الذي لم يعد يلبي متطلبات «التطور» المنشودة، التي روجت لها قوى عديدة لها مصلحة في تغيير وتبديل النهج الاقتصادي، الذي كان سائداً، بآخر سمَته اقتصاد السوق الاجتماعي، حيث لعبت وسائل الإعلام الرسمية والخاصة دوراً مهماً في الترويج له، وشرح أهميته، من حيث دوره في تطوير الاقتصاد الوطني والنهوض به، وتخليصه من أمراضه، وعقد جهابذة الاقتصاد المتبنين لنهج اقتصاد السوق الكثير من الندوات، وألقوا المحاضرات المنقولة على الإعلام الرسمي والخاص، بالمقابل لم يتحرك الإعلام النقابي لمواجهة الحملات الإعلامية التي صاحبت إقرار تبني اقتصاد السوق، عبر أدواته المتوفرة، وهي ليست بالقليلة، منها جريدة كفاح العمال، والمواقع الإلكترونية وبرنامج تلفزيوني، وغيرها من أدوات..
ولكن كان الموقف النقابي الرسمي متوافقاً مع الموقف الحكومي من اقتصاد السوق، الأمر الذي عطل إمكانية أن تقوم الوسائل الإعلامية النقابية بتوظيف إمكاناتها التي كانت باستطاعة القيادة النقابية تطويرها بالشكل الذي يؤمن الرد المطلوب، والقيام بالتعبئة اللازمة للطبقة العاملة، من أجل الدفاع عن مصلحتها في مواجهة السياسات الليبرالية، التي لم تلق المقاومة المفترض أن تقاوم بها، وكان المعترض الأساسي نقابياً على تلك السياسات، هم الكوادر النقابية التي تلمست مخاطرها السياسية والاقتصادية الاجتماعية مبكراً ولكن صوتهم لم يلق صدىً.
ما نود الإشارة إليه والتنبيه له، ما يجري الآن من تحضيرات واسعة النطاق لقوى السوق والفساد الكبير، بإيجاد القوانين والتشريعات اللازمة، وعبر المنتديات الخارجية والداخلية، والمؤتمرات الفندقية، والدراسات والأبحاث المختلفة، المغطاة إعلامياً للترويج لأي اقتصاد يريدون في المرحلة القادمة وإلى الدور الذي سيقومون به في إعادة الإعمار.
إن الإعلام النقابي لابد أن يكون إعلاماً عمالياً، من حيث الشكل والمضمون، مدافعاً عن مصالحهم الجذرية الوطنية والطبقية أي أن يكون منحازاً لمصالحهم وليس في الوسط أو على الحياد كما هو في محطات كثيرة.