600 ألف عامل مهاجر ضحايا الاتجار والعمل الإجباريّ
رندة جمعة رندة جمعة

600 ألف عامل مهاجر ضحايا الاتجار والعمل الإجباريّ

أعربت منظمة العمل الدوليّة، الوكالة التابعة للأمم المتحدة والمكلفة تشجيع حقوق العمل، في تقريرٍ لها عن قلقها حيال وضع نحو 600 ألف عامل مهاجر في الشرق الأوسط بسبب وقوعهم ضحايا الاتجار والاعتداء والعمل الإجباري والاستغلال الجنسي.

تقرير المنظمة الذي جاء تحت عنوان «عالقون في الفخ.. الاتجار بالبشر في الشرق الأوسط» عرض على أكثر من 100 مشارك من 12 دولة عربية خلال مؤتمر ناقش هذا الملف، الذي طرح سؤالاً في غاية الأهميّة وهو: كيف يقع في فخ العمل الجبريّ أكثر من 600 ألف عامل مهاجر في الشرق الأوسط ولمحة عن المصاعب التي يعاني منها العمال القادمون من أكثر دول العالم فقراً والحواجز التي تعيق حماية حقوقهم.
ظاهرة فريدة
وأكد التقرير في مقدمته: «إن هجرة اليد العاملة في هذه المنطقة من العالم ظاهرة فريدة من نوعها من حيث حجمها الهائل ونموها المتسارع خلال السنوات الأخيرة، وأن التحديّ القائم حالياً يكمن في الطريقة الواجب اعتمادها في بلدان المنشأ وبلدان المقصد على حد سواء من أجل منع الاستغلال والاعتداء على هؤلاء العمال».
وتستند الدراسة إلى أكثر من 650 مقابلة أجريت في السنوات الماضيّة في الأردن ولبنان والكويت والإمارات، وهي تسلط الضوء على وضع العمال الراشدين الذين يقعون ضحايا الاتجار، وعلى الأساليب المستعملة لخداعهم وإيقاعهم في فخ العمل الجبريّ والاستغلال الجنسيّ، إضافة للعوائق التي تمنعهم من مغادرة العمل. ومن ثم تقديمها إلى صنَّاع السياسات في المنطقة بتوصيات لمساعدتهم على التصديّ لهذه الظاهرة في شكل ناجع.
نقاط الضعف
وبحسب التقرير تستضيف هذه البلدان ملايين العمال المهاجرين الذين تفوق أعدادهم أحيانا عدد العمال الوطنيين في شكل ملحوظ.
ويشير التقرير إلى أن نظام الكفالة الذي ينظم حياة معظم العمال المهاجرين في المشرق، وفي بلدان مجلس التعاون الخليجيّ، يشكل إشكالية بحد ذاتها لأنه يكرس ديناميّة قوى غير متساوية ما بين صاحب العمل والعامل. مبيناً العجز في نطاق تغطية قانون العمل الذي يعزز نقاط الضعف الأساسية التي يعاني منها العمال المهاجرون إلى جانب الثغرات الهائلة في التشريعات الوطنية التي تحد من قدرة العمال المهاجرين على تنظيم وإنهاء عقود عملهم أو على تغيير أصحاب العمل. وأشارت الدراسة إلى غياب إجراءات التفتيش الذي يبقى على عزلة العمال المنزليين في المنازل الخاصة، ويزيد من إمكانية تعرضهم للاستغلال.
اعتقال وترحيل
وشددت الدراسة على المخاطر الحقيقية الكامنة في اعتقال وترحيل العمال الذين انخرطوا بالإكراه في العمل في مجال الجنس في قطاع الترفيه. أما في القطاعات التي يهيمن عليها الذكور مثل البناء والصناعة والملاحة البحرية والزراعة فيرى التقرير أنه غالباً ما يتم خداع العمال بشأن شروط وظروف العمل والمعيشة، وحيال نوع العمل المطلوب أداؤه أو حتى حيال توفر هذا العمل في الأصل.
في المقابل لاحظ التقرير أن الحكومات والشركاء الاجتماعيين وفعاليات المجتمع المدنيّ قد كثفوا الجهود من أجل مكافحة العمل الجبريّ والاتجار بالبشر خلال الأعوام الأخيرة، ولاسيما على مستوى التشريع والسياسات وتقديم الخدمات.
لكن التقرير أكد أن مواطن الضعف لا تزال قائمة على مستوى تطبيق القوانين ومحاكمة وإدانة مرتكبيّ الاتجار بالبشر، مشيرا إلى أنه لا يزال غياب الحق في حريّة تشكيل الجمعيات في عدد كبير من البلدان العربية العائق الأساسيّ أمام تعزيز قدرة العمّال على إيصال مطالبهم. ومسلَّطاً الضوء على الحاجة إلى توسيع نطاق التغطية القانونية والحقوق المتساويّة ليطال جميع فئات العمال، ومراجعة عقود الاستخدام النموذجيّة والقضاء على التمييز في الأجور وتحسين نظم التوظيف وتدعيم الإطار التشريعيّ وتعزيز تفتيش العمل.