رحيل المناضل اليساري النقابي أبو العز الحريري

رحيل المناضل اليساري النقابي أبو العز الحريري

رحل المناضل اليساري النقابي أبو العز الحريري عن عمر يناهز 68 عاما.. الذي دخل البرلمان عام 1976.. واعتقل في أواخر عهد السادات.. وتصدى لاحتكار أعضاء الحزب الوطني، وهاجم الإخوان بشراسة، وتعرض للاعتداء على أيدي ميليشياتها.

عاش عمره مهموما بقضايا مصر وفقرائها، واقترن اسمه بكلمة «المناضل اليساري»، كنموذج ممتاز للقيادة اليسارية والشيوعية التي تحلم بخدمة الناس، ودخل مجلس الشعب في 1976 ممثلا لدائرة كرموز بالإسكندرية، وكان عمره وقتها 32 عاما، بعدما فاز على منافسه ممدوح سالم وزير الداخلية ورئيس الوزراء وقتها. اعتقل في عصر الرئيس محمد أنور السادات في أحداث 1981، وذلك لمعارضته لاتفاقية السلام «كامب ديفيد»، و تميز بصراحته الواضحة ضد رموز الحزب الوطني وعلى رأسهم «أحمد عز» أمين التنظيم، والراحل «كمال الشاذلي» أمين التنظيم السابق للحزب الوطني المنحل. وفى عام 2003م قدم الحريري أشهر استجواباته الخاص بالاحتكار، وهى الممارسة التي ظل رافضا لها حتى تقدم باستجوابات تتهم أحمد عز بالاستيلاء على شركة الدخيلة للحديد بالتواطؤ مع الحكومة عامي 2004 و2005م. وساهم بعد ثورة 25 يناير في تأسيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، وتميزت آراء أبو العز الحريري بالجرأة ومواجهة النظام ورغم معارضته الشديدة للمجلس العسكري، إلا أن ذلك لم يمنعه من معارضة حكم الإخوان ومطالبته بعزل الرئيس الأسبق محمد مرسى. 

الكاتبة الصحفية الكبيرة «فريدة النقاش» كتبت عنه مقالاً قالت فيه: إنه «أبو العز الحريري نائب الشعب.. هذا هو اسمه بالكامل الذى يعرفه العمال في عنابر الأهلية للنسيج بالإسكندرية، ويعرفه الأطفال في حي كرموز جيلا بعد الآخر، وتعرفه المقاهي الشعبية في العاصمة الثانية، ويرهبه كل المستغلين على امتداد الوطن

الذين تكاتفوا لملاحقته، وتفننوا في ابتكار الأساليب الأمنية والإدارية والسياسية لعزله عن ناسه.. من الفصل والتشريد إلى السجن والتجويع.. لكن صموده بث الذعر في قلوبهم، لا لأنه صمود فرد خارق بل لأنه تحديدا.. إشارة من أعماق الشعب تقول: أولاً إنه رغم الإرهاب والملاحقة والإذلال والمهانة لن يرضخ الشعب.. وثانياً إن طاقاته النضالية الكامنة قادرة على صنع المعجزات مهما طال الزمن، وثالثاً إن قادة من هذا النسيج الفريد شأن «الحريري» سوف يخرجون تباعا من أعماق الشعب ليكون للوطن شأن آخر. وتكون نهاية كل المظالم ذات يوم آت لا ريب فيه وحينها سيعتدل الميزان».

عند صدور قرار تأميم الأهلية سنة 1962 بدأ «أبو العز» وساهم في تكوين رابطة للعمال بالتعاون مع حاملي المؤهلات المتوسطة، وكانت ذاكرة الأهلية تحمل تراثاً حياً عن مناضلين شيوعيين.. وكانت حكاياتها تتردد عن «محمد شندي» أول نائب عمال يدخل البرلمان سنة 1938 وهو من أبناء الشركة.

قدم «الحريري» مشروعات قوانين للتأمينات الاجتماعية، والنقابات العمالية، والإصلاح الزراعي وتأميم قناة السويس كان ممثل الطبقة العاملة الفتية حينذاك يطرح مشروعا وطنياً متكاملاً للشعب كله وليس لطبقته وحدها، وهو المشروع الذى طوره «أبو العز» مع رفاقه من العمال والقيادات الوطنية الشريفة على مدى ثلاثين عاماً بعد ذلك، رغم حسه الطبقي العمالي المرهف لكنه لم يكن فئويا أبدا. حين كان يخطب «الحريري» ينصت الناس بشوق إذ ينفتح أمامهم عالم كامل هو الحق والحرية والسعادة والمساواة.. تقول «النقاش» إذا سألته ما هو المعيار قال لك دون تردد:

«مصلحة العمل والعمال إذا استطعنا أن نصونها فإنما ننقذ الوطن..» ما أحوج الوطن لمئات.. آلاف.. ملايين «الحريري» لكى يسترد عافيته، ويتفادى  الكوارث.