في حقول الرميلان للنفط بالحسكة : عمالة بدائية والسرطان سيد الموقف!!
عند تناولنا لأيّة مشكلة «عويصة» تخص العمال في وزارة ما، كنا ننتقد كل ما يقع بين أيدينا من ملفات الفساد والتجاوزات اللاقانونية من بعض الإدارات، والتي لم تراع أدنى قوانين شروط العمل.
في حقول الرميلان للنفط بالحسكة مثلاً كتبنا أكثر من مرّة عن مكتب التشغيل في المحافظة والتركيبة الوظيفية التي كانت في تغيّر ملحوظ حيث يزداد وبشكل كبير عدد الموظفين من المحافظات الأخرى على حساب أبنائها، وهذا الحالة كانت تؤكد أن الوظائف يتم تأمينها عن طرق المحسوبيات والمتنفذين، كما إن بعض المسؤولين كانوا يقومون بتوجيه التعليمات والإرشادات الخاصة بعملية التضييق وإهمال أبناء المحافظة تماشيا مع السياسات التمييزية بحقهم.
عمالة بدائية
الآن انقلبت الآية بشكل أسوأ من ذي قبل، ولكن ضد كل الخبرات والفنيين الذين قضوا سنوات في عملهم، فالإدارة الحالية عجزت عن الحفاظ على كوادرها المؤهلة مما انعكس سلبا على الإنتاج الذي انخفض إلى ما دون الربع بفعل الأزمة وتأثيراتها، ونتيجة لخسارة جميع الكوادر اضطرّت الإدارة جلب عمالة محلية «شعبية» لا تفقه بعلم الاستخراج والنفط كلياً بما فيه الصحة والسلامة المهنية التي لم يسمعوا عنها، المهم أنهم يعملون ورواتبهم عالية لا بل قياسية على حساب صحتهم، مما يعني توقّع ارتفاع المصابين بالأمراض السرطانية والأورام الخبيثة في الأشهر والسنوات القادمة أضعافٍ مضاعفة، كل ذلك بسبب مغادرة أغلب أصحاب الكفاءات، وتهميش دور نقابة العمال في حماية حقوق العاملين.
روائح كريهة وسرطانات
إن سوء الإدارة الحالية، وعدم معرفتها بمفاصل القطاع النفطي، والذي نجم عنه انخفاض الإنتاج إلى النصف. بالإضافة للحصار والعقوبات على النفط، رغم تشغيل بعض الآبار في الآونة الأخيرة والاستخراج والتصفية بالطرق البدائية بعد توقف معظم المصافي الرئيسة عن العمل، لعبت دوراً كبيراً في تلوث المياه الناتج عن تسرّب المياه المرافقة، إضافة لتسرّبات النفط من خطوط النقل، يقول المهندس محمد: «ينتج عن عمليات إنتاج النفط مياه طبقية تسمى المياه المرافقة حيث يتم فصلها عن النفط المستخرج، وهذه المياه شديدة الملوحة وتحمل عناصر ومواد ضارة جداً كونها مستخرجة من أعماق كبيرة من باطن الأرض ونتيجة لمواصفات تلك المياه فقد تضررت عدة أماكن ضمن المحافظة نتيجة تسرب هذه المياه من خلال أنابيب النقل الخاصة بها والمارة في أراضي زراعية خصبة، وحتى بين القرى وخاصة (تل عدس، طبقة، حمام، وادي السوس) وصولاً للحفرة الكبيرة التي يوضع فيها النفط الخام في مقر شركة «رودكو» بقرية «خان الجبل» والتي تصدر روائح كريهة ليل نهار مع كل نسمة هواء. علماً أن هذه المياه كانت تجري على شكل ساقية كبيرة من خزانات «تل عدس» باتجاه القرى الجنوبية منها منذ عشرات السنين، وتم تمديد مجاري خاصة بها قبل الأزمة لكنها توقفت مع العمال الجدد».
انبعاث غاز كبريتيد
إن الحفرة هذه غير مطابقة لأدنى درجات المواصفات الفنية، كما ذكر لنا أحد الخبراء الفنيين في الرميلان، وأهم تلك المواصفات المطلوبة هي عملية عزل تلك الحفر بطرق فنية لمنع تسرب تلك المواد السائلة، وما تحمله من ملوحة شديدة ومواد كيميائية ضارة جداً إلى المياه الجوفية.
«قاسيون» وباسم أبناء تلك القرى المتضررة، والأخرى المحاذية لها تطالب بضرورة تركيب حساسات لمراقبة مستوى انبعاث غاز كبريتيد الهيدروجين على كل بئر نفطي ضمن الحقول المذكورة، واستخدام تقنية الحفر المائل من مسافات بعيدة عن العمران والسكان حفاظاً على صحة المواطن وسلامته لأن الكثير من الآبار النفطية متواجدة ضمن القرى وبين البيوت، مع تطبيق علمي لجميع شروط الأمن والسلامة لعمليات استكشاف وإنتاج النفط فيما يخص العاملين والمعدات والآليات والمخلفات الناتجة عنها، وإيجاد إيجاد محطة لرصد ملوثات الهواء بالمحافظة، وأخيراً وليس آخراً إجراء مسح عام لسكان القرى المتأثرة لمعرفة الأمراض المتفشية بينهم ووضع المعالجات والطرق المناسبة من أجل حماية حياتهم وحياة أطفالهم مستقبلا، وتوزيع حصص يومية من مادة الحليب والبيض على سكان المتاخمة للآبار والحفر، ودون أي تأخير!!.
السؤال الذي يطرح نفسه في النهاية: هل تعرض ذلك العامل البسيط الذي يراقب الإنتاج ومرور دفقات النفط ضمن الأنابيب والصهاريج التي بجانبه إلى جرعات من الإشعاعات الطبيعية الموجودة ضمن المياه الطبقية المرافقة للنفط أمر عادي، أرحموا هؤلاء الذين يسعونَ لتأمين لقمة عيش أبنائهم؟!!.