الحكومة تختار العمالة على ذوقها!
على الرغم من التحفظ على بعض الشعارات الحكومية الرنانة الواعدة باستيعاب الأعداد المتزايدة من الخريجين، من خلال الاستجابة لتحديات البطالة وتحدي الفقر وتأمين مستقبل أفضل للخريجين الجدد الداخلين لسوق العمل، ، فإن ما يطبق عكس ما يقال كلياً، مع أنهم شريحة محدودة في عداد العاطلين عن العمل، ولا يجوز اعتبار التركيز عليهم بمثابة تحدٍ للبطالة بمفهومها الشامل في البحث عن الموارد البشرية لتحقيق التنمية المنشودة.
وأهمية الملاحظة لا تكمن في حدود وزارة بعينها، وإنما في ثقافة تناول جميع الوزارات لقضية تشغيل الخريجين، والاستفادة القصوى من طاقاتهم، وإمكاناتهم، وهذا ما لا يتضح تماما في توجهات الحكومة بالتشغيل من خلال إجراء المسابقات والتعيينات المؤقتة لمواجهة تحدي البطالة من جهة، وتأمين مستقبل للخريجين (من خلال التنمية البشرية)
القول بالاعتماد على الشراكة بين القطاعين العام والخاص لحل مشكلة البطالة سواء للخريجين أم لغيرهم قضية تحتاج إلى نقاش لأن التجربة السابقة بهذا الخصوص لم تكن بالمستوى الذي يؤمن حل أزمة البطالة او التخفيف منها، علما أن مفهوم الشراكة في ثقافة العمل له تعريفه العلمي الذي يشمل أطراف علاقات العمل(ممثلي القطاع الخاص، ممثلي العمال، وممثلي وزارة العمل).
لا ننكر تحمل القطاع العام، ومسؤولياته الجمَّة التي أثقلت كاهله في سياسات التوظيف السابقة للمساهمة في مواجهة بطالة الخريجين تحديدا دون توزيع حقيقي للقوى العاملة وفقاً للحاجات المطلوبة في القطاعات الاقتصادية الخدمية منها أو الصناعية، لكن الحقيقة التي لابد من قولها إن هذه السياسات أصبحت تستدعي تصحيحاَ هيكلياً، لأن هذا الدور الذي لعبته الحكومة تشغيليا لا يمكن أن يستمر مع العمليات المتواصلة في الصرف؛ المفروض أن توضع الخطط بشكل عملي قادر على استشراف القدرة الاستيعابية لسوق العمل، وليس على أساس الوعود المسجلة في البيانات التي تدلي بها الحكومة عند إقرار ميزانياتها السنوية أو في خططها الخمسية!!.