هدى مليحي في مجلس الشعب: الفقراء يدفعون ثـمن التحول نحو اقتصاد السوق
قدمت النقابية هدى مليحي عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال مداخلة هامة أمام مجلس الشعب حول الموازنة العامة للدولة للعام 2011، نقتطف فيمايلي أهم ما جاء فيها:
«..ذكر بيان الموازنة أن الاقتصاد السوري شهد نمواً ملحوظاً حيث سجل معدلاً 5.4% وإن مستوى معيشة المواطن قد تحسن، وما نلاحظه على أرض الواقع هو أن عدم العدالة في التوزيع قد تعمق، وازداد اتساعاً، فارتفاع وسطي حصة الفرد مع ازدياد معدلات الفقر يعني عدم عدالة التوزيع!.
أرقام بنية النمو تؤكد أن هناك خللاً عضوياً يؤثر في عملية إعادة الإنتاج، فالنمو المعلن يؤكد أن وتيرة نمو القطاعات غير الإنتاجية هي أعلى من وتيرة القطاعات الإنتاجية المرتبطة بالاقتصاد الحقيقي... وأن انعكاس ارتفاع الأسعار في ظل ثبات الأجور النسبي، وانخفاض القدرة الشرائية للأجر الاسمي إنما يعني أن النمو طال الأغنياء، وبقي محدودو الدخل والفقراء بعيدين عنه.
تحدث البيان عن توفر /63565/ فرصة عمل، وعن ثبات نسبة البطالة، وهذا إيجابي، ولكن في ظل انخفاض فرص العمل المتوفرة، فإن ذلك يعني أن الضغط على سوق العمل الضيقة أدى إلى زيادة الهجرة، وهذا ما يؤكد التدهور السريع في مؤشرات التنمية لمدينة درعا والسويداء الذي تأثرت كثيراً بهجرة أبناء المنطقة الشمالية بسبب الجفاف، والسؤال على أي أساس سيتم تأمين فرص العمل هذه، ولاسيما أن أكثر من 90% من وزارات الدولة في عام 2010 لم تعلن حاجتها لأي موظف، باستثناء وزارة التربية التي قامت بتعيين مدرسي المناطق الشرقية، وبمناسبة الحديث عن فرص العمل نأمل من الحكومة تمكين وزارة العمل بامتلاك الآليات اللازمة لتنفيذ قانون العمل رقم /17/ وتأمين عدد المفتشين اللازم من أجل تطبيق أحكامه.
رصدت الموازنة /1.035/ مليار لتغطية التعيينات اللازمة لضرورات العمل وتعيين بدل المتسربين وتعويضات نهاية الخدمة وغيرها، ولم نلاحظ رصد أية مبالغ لزيادة الرواتب والأجور، ونتساءل عن الإجراءات التي يمكن إتباعها في ظل اقتصاد السوق الاجتماعي للحد من الارتفاع الجنوني للأسعار، خاصة وأننا لم نلاحظ أجندة واضحة فيما يتعلق بالسلع المصدرة؟ فتارة يفتح التصدير، وتارة يغلق مما أدى إلى غليان السوق المحلية، وهذا يستدعي وجود آلية للتدخل الفوري، والإجراء الأساسي لمواجهة هذه المشكلة تكمن في حل المشكلة بين الرواتب والأجور ومستويات الأسعار.
...لقد اعتمدت الحكومة سياسة حرق المراحل في عملية تحويل الاقتصاد، بحيث انتقلت إلى اقتصاد السوق الاجتماعي بسرعة كبيرة، وقد تم دفع فاتورة هذا التحويل من الفقراء عبر بوابات ثلاث، أولها: عدم عدالة توزيع الدخل، وثانيها: التضخم القائم، وثالثها: رفع الدعم، وقد كانت الحكومة قد وعدت بإقامة شبكات حماية اجتماعية إلا أن هذه الشبكات كانت مغيبة خلال الخطة العاشرة، ولم يتم إلصاق البعد الاجتماعي باقتصاد السوق.
إن تحويل الاقتصاد إلى اقتصاد السوق الاجتماعي.. لا يعني إطلاقاً إنهاء القطاع العام الذي لم يلحظ خلال سنوات الخطة بأي اهتمام لإصلاحه ومعالجة واقعه التسويقي والعمالي باستثناء بعض الإجراءات الترقيعية حتى وصل إلى حالة يرثى لها. حيث تزايدت الشركات المتوقفة من عام 2000 وحتى 2010 من أربع شركات إلى /17/ شركة، وإن بقاء هذا القطاع على حاله أخطر وأكبر خسارة من الخصخصة نفسها، لذلك نؤكد على الإسراع في إصلاح الشركات، وإعادة ألقها من خلال زيادة الاعتمادات الاستثمارية، ومن خلال إصلاح القوانين التي تعيق تطوره والحفاظ على ما تبقى منه.
وهنا نشير إلى ضرورة الحفاظ على شركات التوكيلات الملاحية، وعدم تحويلها إلى هيئة عامة لأن هذا يعني إلغاء الشركة، وهي الشركة الرابحة التي ترفد الخزينة بـ/400/ مليون سنوياً.
وحتى الصناعة الوطنية المحلية ما تزال تعاني من ضعف البنية الهيكلية بسبب اعتمادها على الصناعات الخفيفة وتأثرها بالغزو غير المسبوق من السلع الصناعية الخارجية، ومن ضعف التشابك والتكامل بين مختلف أنشطة القطاعات الصناعية والاقتصادية والخدمية، وإلى افتقارها للهيئات الداعمة لتعزيز قدرتها التنافسية»..