مصير القطاع العام وعماله والحكومة القادمة!!
عند أي منعطف أو تغيير في السياسات الاقتصادية تبدأ ولا تتوقف المجادلات حول القطاع العام يكون أو لا يكون، يضيق أو يتسع ويعمل بكفاءة أم لا؟ كل هذا يجري في إطار نقد تجربة التنمية في ظل قيادة القطاع العام للاقتصاد الوطني.
وفي ظل هذا التصور لدور القطاع العام، فإن الحقيقة التي لابد منها أنه كان وسيبقى وجوده وبقاؤه نتيجة ظروف تاريخية، ونتيجة حاجة ماسة، ومن يحاول إقناعنا عمالاً ووطنيين بأن نعيد النظر في الجو الذي يحيط بفهمنا لدور القطاع العام، وكأنه يطالب بإعادة النظر بلقمة عيشنا. ليس من شك أن عوامل متعددة شاركت في صنع أخطاء وقع بها، وقصدت أن تضعه في مواجهة القطاع العام لصد قدرته وعرقلة تقدمه لأداء دوره، ولا شك أيضاً أن رأس المال الخاص، بتأثير مصالحه، كان أحد هذه العوامل، ولكن الذي لا شك فيه - أيضاً - أن التراخي في توضيح دور القطاع العام ومعناه، وهدفه وغايته، تتحمل الحكومات المتعاقبة مسؤولية كبيرة في ذلك، بإعتبار ذلك واحداً من العوامل التي شاركت في صنع ذلك الجو المتردد الذى يحيط أحياناً بمفهوم القطاع العام!!.
ومن المؤكد أننا لا نقصد من هذا الدفاع عن العمال وعن القطاع العام أنه ليس هناك من نقد يوجه إليه، بل نجزم أن مجال النقد كثير لكن ضمن حدود السيادة الوطنية، والدفاع عن مصالح الطبقة العاملة صاحبة تلك المكتسبات. لأن الأساس عبر عشرات السنين هو وجود قطاع عام كان يقوم بدوره التاريخي ليواجه الحاجة الماسة التي تناديه.
من هنا نصل للاستنتاج الأمثل الذي يثبت أن العيب ليس في القطاع العام واليد العاملة، وإنما العيب في الطريقة التي تدار بها في بعض الأحيان أو كثيرها، وحين نقول فى بعض الأحيان، لأنه لا يمكن نكران وجود نماذج رائعة لديها القدرة على تحمل المسؤولية، وكانت هي الأساس في بقائه ضد هجمات الخصخصة. وإن كان ثمة حل مرحلي يواجه المسؤوليات الواسعة التي يتحملها القطاع العام اليوم، فإن على الحكومة القادمة إيجاد هذا الحل المرحلي الذي يتمثل باختيار الأشخاص ضمن قاعدة «الرجل المناسب في المكان المناسب» قولاً وفعلاً، لأنه سيكون الحد الفاصل بين النجاح والفشل حتى يبقى القطاع العام الركيزة الأساسية.
السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل استغلت الحكومة الحالية السنوات الثلاث من عمر الأزمة لإعداد مشروع جدي وحقيقي ومتكامل وشامل لإصلاح القطاع العام بما فيه أنظمته وتشريعاته بشكل جوهري، وبما يضاهي ما هو مطبق في دول كثيرة لاتزال تعتمد على القطاع العام بنجاح وهو الأساس في التنمية الشاملة؟ ولماذا لم يصدر حتى الآن قانون جديد للعاملين في الدولة ينصف العامل ويضعه أمام مهامه التاريخية مع مراعاة الاختصاص والمهام والمسؤوليات؟!!.