فُصل وهو على رأس عمله!
إن موضوع الفصل التعسفي للعامل من المواضيع التي أثارت جدلاً وإشكاليات قانونية، حيث تؤكد جميع قوانين العمل بالعالم أجمع أن العمل يعتبر الأساس الأول في حياة الشعوب والأمم وفي الحياة البشرية جمعاء، وبدون العمل لا يتصور وجود الحياة، ودون العمل ما كان العالم ليصل إلى هذا المستوى من الرقي والتقدم العلمي والتقني.
أما القوانين فقد وضعت من أجل تنظيم العمل، وذلك لما له من أهمية في الحياة البشرية ولا سيما أن في العمل حالة من التناقض تتجلى بين رب العمل والعامل الذي يعمل لديه، حيث تجد كل واحد منهم في أقصى نقيض الآخر، فالعامل يريد أجراً أكبر مقابل ما يقدمه من جهد وتعب، بينما رب العمل يريد أكبر وقت من العمل بأقل الأجور، ومن هنا تبدأ حالة الصراع بين العامل ورب العمل، ولهذا تدخلت الدولة بأن وضعت قانون العمل الذي كان مجحفا بنسخته الأخيرة في كثير من مواده بحق العمال سواء كان العقد بينهما بشكل اتفاق شفهي أو كتابي صريح أو ضمني، ويتعهد العامل بمقتضاه أن يعمل لـدى رب العمل وتحت إشرافه وإدارته أو إشراف وإدارة من ينوب عن رب العمل بمقابل أجر يتقاضاه العامل لقاء عمله.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يحق لرب العمل أن يفصل العامل من عمله متى شاء وكيفما شاء، وبغض النظر عن السبب أو لمجرد أنه صاحب المنشأة ولا يريد هذا العامل عنده؟!.
الحكومة ورب العمل
يمكن أن يمر معنا يومياً عشرات الحالات من هذا القبيل نظراً للظروف التي نعيشها جراء الأزمة في القطاع الخاص، لكن ما هو غير طبيعي أن يكون رب العمل «الحكومة» ومع ذلك يتم فصل عامل أو عمال بالجملة تحت مسميات مختلفة، ولعلَّ أهمها بناءً على المادة 137 وهو على رأس عمله!!.
في الآونة الأخيرة وصلت بعض شكاوى لـ«قاسيون» تؤكد وجود قرارات صرف من الخدمة بحق عاملين في دوائر الدولة وهم على رأس عملهم، لا بل أن بعضهم تنقل بين أكثر من دائرة لكي لا ينقطع عن عمله، والأنكى من هذا أن أحد من رصدناهم يعمل في القطاع الصحي ولم ينقطع يوماً عن العمل رغم الأوضاع الأمنية الصعبة التي تعيشها منطقته، فهل هذا جزاء ما قدمه؟!.
التعويضات المستحقة
إن الفصل التعسفي يعتبر من الأسباب غير المشروعة لإنهاء عقد العمل سواء في القطاع العام أو الخاص، حيث أنه يتضمن معنى إنهاء عقد العمل من صاحب العمل وليس من العامل، وهنا نقول بأن موقف القانون إن كان واضحاً وصريحاً، فإنه ليس لرب العمل فصل العامل متى شاء، ولا بالوقت الذي يراه مناسباً، وفي حالة قيامه بذلك يتوجب عليه التعويض، حيث لا يجوز الفصل من العمل إلا لسبب مقبول قانوناً حتى وإن كان أحد الأطراف الحكومة، كما أنه إذا تبين أن العامل هو الذي ترك العمل لسبب من الأسباب التي تبيح له الترك فإنه رغم تركه يستحق التعويض، كأن يعمد رب العمل إلى خفض أجر العامل.. فإن للعامل إنهاء عقد العمل دون إشعار، مع احتفاظه بجميع حقوقه القانونية، أما إذا ثبت توفر إحدى صور الفصل التعسفي والأحكام غير الجائزة في القانون كما في حالة الفصل لنشاط نقابي للعامل أو الفصل أثناء إجازة العامل المرضية أو أثناء أو قيام صاحب العمل بمعاملة العامل معاملة جائرة تدفعه إلى ترك العمل ، فإن على رب العمل تعويض العامل ودفع كافة مستحقاته.
فهل تعوض الحكومة العامل الذي صرف من الخدمة بشكل تعسفي؟ ألا يحق للعامل العودة إلى عمله فوراً بعد إثبات وجوده على رأس عمله، دون طلب وجود اعتماد وشاغر وكأنه يعمل لأول مرة؟!.