من الأرشيف العمالي : للحقيقة طعم واحد..
مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، فالوطن لا يمكن أن يزاود عليه، ومصلحته تقضي بالدرجة الأولى أن نكون مخلصين له ولو تناقضت مصالحنا الخاصة مع مصلحته، فالوطن للجميع، ولا يستطيع أحد أن يختزله عبر رؤيته الخاصة.
ومن أولى المهام التي يجب أن يقوم بها كل الشرفاء هي أن يتحدوا من أجل حمايته والسهر على أمنه والتضحية من أجل حريته واستقلاله، وهنا تبدأ المهمة رقم واحد، والتي تكمن في محاسبة كل الذين عاشوا ويعيشون على حسابه دون حسيب أو رقيب، فالبعض حاول تحويل الوطن إلى مزرعة خاصة له، وحول أبناءه إلى أرقاء يعملون بالسخرة لديه، وهذه مهانة كبيرة لكبرياء الوطن، والبعض الآخر عاث فساداً في طول البلاد وعرضها دون أدنى إحساس بالمسؤولية، وحوّل كل الجهات لمحام يدافع عن فساده، فانقلب الحق إلى باطل والباطل إلى حق. وهذا ما شكل خطراً كبيراًعلى البلاد والعباد ووسع من الهوة بين الوطن وأبنائه. ونظن أنه آن الأوان لنقف وقفة مع الذات، فكل التحديات والأخطار المحدقة ببلادنا تتطلب منا أن نكون أكثر صدقاً مع وطننا وأكثر انسجاماً مع أنفسنا، وأن نتحد من أجل مواجهة الفاسدين في كل المفاصل الأساسية في بلادنا لأنهم سيكونون نقطة الارتكاز الأولى لأعداء البلاد، وللأجنبي الذي يعمل على تقويض أمننا الوطني.
لا عجب أن يقف المواطن في بلادنا مستغرباً التناقض بين الأقوال والأفعال، فرغم كل التصريحات والتوجهات لضرب مواقع الفساد والإفساد، فالفساد يزداد تركزاً وتركيزاً ويجد من يحميه ويدافع عنه، ويضعه فوق الشبهات، فهم فوق القانون، والقانون لا يشكل لهم أي شيء لأنهم يدفعون لضعاف النفوس في بعض مراكز القرار التي تحولت بفضلهم لحلقات أساسية تدعم توجهاتهم، وللأسف نجد أن أصوات الحق التي تعمل جاهدة لكشف الحقيقة هي أصوات «مدانة» وتطالها يد القانون بتهم التشهير والقدح والذم، لأنها تسلط الضوء على هذه البؤر الفاسدة، ومثالنا على ذلك ما جرى مع صحيفتنا «قاسيون» التي يعتبرها المتضعفين والشرفاء صوت من لا صوت له، وأنها الجريدة التي أشارت وتشير إلى مواقع الخلل والفساد دون مواربة أو تدجيل، فالكثير من القضايا التي أثارتها، والتي أدت إلى خسارتها، أثارت حفيظة البعض وسلطت الضوء على السياسات الاقتصادية التي غايتها ضرب اقتصادنا الوطني، وفتحت معركة كبيرة من أجل بناء اقتصاد وطني متكامل، يستطيع أن يصمد بوجه كل تحديات.. نقولها صراحة: إننا سنبقى الصوت الذي يدافع عن كرامة الوطن والمواطن، شاء من شاء، وأبى من أبى، فللحقيقة طعم واحد هو الحقيقة ذاتها.
قاسيون العدد 242 آذار2005