احتفالات الأول من أيار في سورية

احتفالات الأول من أيار في سورية

بات الجميع يعرف في سورية أن الأول من أيار هو عيد العمال العالمي، كما حال الطبقة العاملة وكادحيها في كل أصقاع العالم، هو يوم كفاحي يجدد العمال فيه العهد للنضال من أجل حقوقهم ومطالبهم، من أجل حياة أفضل وظروف عمل أحسن، لقد أصبح هذا العيد الكفاحي معروفاً برمزيته التاريخية بفضل نضال الشيوعيين السوريين لعقود خلت، حتى ترسخ في الأذهان مفهوم الأول من أيار.

لقد احتفل شيوعيو دمشق بالأول من أيار لأول مرة عام  1933 أثناء الإضرابات العمالية الكبيرة بدمشق التي شارك فيها أكثر من 50 الفاً من عمال النسيج والبناء والباصات والبرق والكهرباء وغيرهم، كما استشهد الرفيق «أبو حسن» عامل النسيج أثناء إضراب عمال النسيج في مدينة حلب برصاص الاستعمار الفرنسي عام 1935، وفي حمص احتفل بيوم العمال العالمي لأول مرة في قرية حب نمرة عام 1940 عندما قام الشيوعيون بإشعال النار فوق قمة جبلية، وفي أقصى الشمال الشرقي في مدينة القامشلي أقيم احتفال كبير في سينما صيفية عام 1943 اعتقل على إثرها الرفيق «جان صعيب» سكرتير اللجنة المنطقية للحزب في الجزيرة، وقد اعتقلت السلطات الفرنسية الرفيقين «إبراهيم بكري وحسين عاقو» قادة نقابة عمال النسيج بدمشق أثناء احتفالات الأول من أيار 1943.

خلال فترة الديكتاتوريات العسكرية «1949-1954» كان الأول من أيار مناسبة للنضال من أجل حق التنظيم النقابي والحريات النقابية، وتحسين الأجور وساعات العمل الثماني، ومن أجل السلم وصون الاستقلال، وكان الشيوعيون يقودون المظاهرات «الطيَّارة» في الأول من أيار في أماكن التجمعات الشعبية كالأسواق والجامعات والمعامل، ويرفعون الأعلام الحمراء على أعمدة الإنارة، واعتقل المكتب الثاني الرفيق الشهيد «جمال جركس» بعد مظاهرات الأول من أيار في الحسكة 1952.

في العهد البرلماني الديمقراطي «1954-1958» أخذت الاحتفالات طابعاً شبه علني رفعت خلالها شعارات الطبقة العاملة، مثل حق الإضراب والنضال ضد الأحلاف الاستعمارية، وتحولت احتفالات الحسكة والقامشلي إلى صدام في الشوارع مع الرجعية طعن خلالها الرفيق «ملك ببي» بخنجر غدراً، أما في أيام الوحدة فقد تعرض الشيوعيون السوريون إلى حملة كبيرة من إرهاب المباحث، فلم تسمح ظروف العمل السري بإقامة احتفالات شعبية بهذه المناسبة.

منذ عام 1965 بدأت مرحلة من التعاون بين القوى الوطنية والتقدمية في سورية، وخرج الحزب الشيوعي السوري من ظروف العمل السري، وأصبحت احتفالات الأول من أيار تقام في أجواء من العلنية منذ نهاية الستينيات وخاصة بداية السبعينيات حين توسعت هذه الاحتفالات أكثر، وأصبحت عطلة رسمية في البلاد بعد مشاركة الحزب في الجبهة الوطنية التقدمية عام 1972، فأقيمت في دمشق عام 1975 احتفالات ضخمة بمناسبة الأول من أيار بمشاركة شعبية ورسمية، واعتقل الرفيق «عماد ظاظا» في هذه الاحتفالات عندما هتف في الجموع المحتشدة: تسقط حكومة التجار والسماسرة، وعاشت الصداقة العربية السوفياتية.. عاشت الاشتراكية.. عاش الحزب الشيوعي السوري.. عاشت الجبهة الوطنية التقدمية.. 

في الجزيرة أخذت الاحتفالات طابعاً شعبياً، حيث كان عشرات الآلاف يحضرون احتفالات الأول من أيار ويخرجون إلى الطبيعة في الأماكن التي يقيم فيها الحزب احتفالات الأول من أيار في قرية «مزكفت» في القامشلي وسد الحسكة وعين ديوار في ديريك، وفي عام 1987 أحيا الشيوعيون في مدينة الحسكة بشكل فريد احتفالاته، فقد خرجت خمس مظاهرات من الأحياء الشعبية ألتقت أمام مبنى اتحاد عمال محافظة الحسكة، وجرى توزيع بيان الحزب بهذه المناسبة مما سبب باعتقال الرفيقين «ملك ببي» والشهيد «محمود كرد» أعضاء اللجنة المحلية للحزب في الحسكة.

في حلب وأثناء التحضيرات الكبرى للاحتفال بالأول من أيار عام 1980 اغتالت عصابة من الإخوان المسلمين الرفيق «أنطوان صراف» عضو اللجنة المنطقية للحزب في حلب، وعضو مكتب نقابة سكك الحديد في حلب، والرفيق عضو نقابة البناء «عمر عوض» في محاولة للنيل من نضال الحزب الطبقي والوطني والأممي، وتحولت جنازة الرفيقين إلى مظاهرات كبيرة، وكانت منظمات الحزب العمالية تقيم احتفالات في الأحياء والمعامل مثل عمال النسيج والإسكان العسكري، والبناء والبورسلان، وفي عفرين أصبح الاحتفال بالأول من أيار تقليداً شعبياً.