القطاع الخاص والتشريعات التي تُنتهَك
لم يسعف الوقت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل السابقة لكي تُتم تعديل قانون التأمينات الاجتماعية والعمل حسب توصيات البنك الدولي في الدراسة الإكتوارية التي قُدمت إلى الوزارة، ولكن قانون العمل 91 لعام 1959 تم تعديله، وصدر قانون جديد كما يتمناه أصحاب العمل والليبرالية الجديدة، وقد وضعت في القانون مواد ألغَت مكتسبات هامة للطبقة العاملة تراكمت خلال 50 عاماً، منها:
المادة 65 التي تجيز لصاحب العمل في أي حال من الأحوال إنهاء عقد العمل غير المحدد المدة، والتي تلغي لجان قضايا التسريح والموافقة المسبقة، وتعطي رب العمل الحق وبمطلقه في أي وقت لتسريح العامل من عمله ودون تقديم أي مبرر، وبالإضافة إلى مواد أخرى عديدة،
وقد جاء التعديل وفق «العقد شريعة المتعاقدين» والتي تحمل في طياتها مخاطر كبيرة على استقرار علاقات العمل وحقوق ومكتسبات عمال القطاع الخاص، وأضعفت الالتزام بالواجبات من جانب رب العمل تجاه العمال، وخاصة الاتجاه لإحداث مكاتب خاصة لتوريد العمال الذي أضعف وشتت علاقات العمل، وعرض العمال لمخاطر عديدة، وحوَّل علاقة العمل إلى علاقة استخدام مستترة لا تخضع لأحكام أي قانون، وبالتالي أعطت رب العمل الإمكانية والمبرّر لعدم الالتزام بأي من الحقوق والواجبات تجاه العامل، باعتبار أن هذه العلاقة تتم من خلال مكاتب التوريد. ورغم صدور قانون العمل منذ أكثر من عام إلا أن القطاع الخاص لم يلتزم بأي بند من بنوده، إلا فيما يضر مصالح العمال، من ناحية التسريح التعسفي وعدم تسجيل العمال في مؤسسة التأمينات وعدم منح العمال الزيادات الدورية وحرمانهم من الطبابة، وغيرها من المكتسبات التي كانت موجودة في القانون السابق.
اتحاد العمال وافق على القانون بعد حوارات مطولة وبعد اعتراضه على مواد عديدة، ونبه لانعكاساتها السلبية الشديدة على واقع العمل والعمال وحقوقهم المكتسبة، وأن يعتبر باطلاً كل وثيقه يوقعها العامل، مهما كانت: (براءة ذمة. استقالة إلخ..).
أيضاً لم ينفَّذ أو يطبَّق الصك النموذجي، وفي حين تنبهت نقابات عديدة إلى أنه لا يمكن لقانون الاستثمار ومن أجل تشجيع الاستثمار أن ينتقص من حقوق العمال ومكتسباتهم. ومع ذلك صدر القانون.
تعديل قانون التأمينات الاجتماعية جوبه برفض قاطع من القيادات النقابية ومن القواعد، وذلك في اجتماع عقدته وزيرة الشؤون السابقة مع هذه القيادات وقالت حرفياً إن خبيرة اكتوارية من البنك الدولي أجرت دراسة لقانون التأمينات، وظهر لديها أن المؤسسة سوف تكون مفلسة عام 2016 لذلك لابد من الانتقاص من الرواتب التقاعدية، وجوبهت برفض كامل من قبل كافة القيادات.
في كل الأحوال يعاني العمال في القطاع الخاص من شروط وعلاقات عمل لا تضمن لهم الحماية اللازمة في العمل، إضافة إلى حرمانهم من أبسط الحقوق كالاشتراك في التأمينات الاجتماعية وتأمين بيئة عمل نظيفة وغياب مقومات الصحة والسلامة المهنية.
في الثاني من أيار الحالي أضرب 100 سائق في شركة مملوك وذلك لأن صاحب العمل أجبر العمال على التوقيع على إيصالات أن له بذمة كل عامل مليون ل.س، بالإضافة إلى عدم تسجيل العمال في التأمينات الاجتماعية، وساعات العمل الطويلة، وحرمانهم من أبسط الحقوق.
مستثمر باكستاني أقام معملاً لتصنيع الألبسة بهدف التصدير، ويعمل في منشأته 200 عامل برواتب لا تتجاوز الـ2000 ل.س شهرياً، وساعات عمل طويلة، ولم يسجل أية عاملة في التأمينات، وبعد جهد زارت النقابة هذه المنشأة، وهي في محافظة حماة، فمباشرة أغلق المستثمر المعمل وسرح العاملات.
السؤال هنا: أين قانون العمل؟ وأين أجهزة التفتيش؟ وأين وزارة الشؤون أيضاً؟ أين النقابات العمالية؟