التعاونيات الزراعية والنضال الطبقي

التعاونيات الزراعية والنضال الطبقي

بدأ التعاون الإنتاجي مع نشوء المجتمعات البشرية، وأتخذ أشكالاً مختلفة وفقا للتشكيلات الاجتماعية التي مرت بها الإنسانية، ففي المجتمع البدائي حيث كانت وسائل الإنتاج ملكاً عاماً للمجتمع، كان التعاون والعمل المشترك والتوزيع المتساوي للإنتاج، هو الأسلوب الذي قامت عليه حياة إنسان ذلك العصر، ولكن ظهور الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، أفقد التعاون والعمل المشترك دوره، وحلَّ محله العمل الفردي الذي أصبح الصفة المميزة لمجمل التشكيلات الاجتماعية والطبقية.   

بدأت الحركة التعاونية في سورية عام 1943 حيث قام عدد من الفلاحين في قرية صدد التابعة لمحافظة حمص، وكذلك فلاحون من قرية دير عطية بتأسيس تعاونية للتنقيب عن المياه وجرها للشرب وري بعض الأراضي البعلية، وجرى إشهار جمعية دير عطية تحت أسم (الشركة التعاونية الزراعية) إذ لم يكن في البلاد قانون للجمعيات التعاونية، وقد تمكنت هذه التعاونية من حفر عدد من الآبار، وجرها في قناة طولها ستة كيلومترات محولة ما يقارب 2000 دونم من الأراضي البور إلى أراضي مروية،  وكان لإنشاء هاتين التعاونيتين ونجاحهما تأثير كبير في أوساط الفلاحين، ولكن الموقف المعادي الذي أخذته الطبقات المسيطرة وخوفها من تنظيم الفلاحين وتعاونهم حال دون توسيع هذه الحركة، بحيث لم يؤسس في سورية حتى عام 1950 أكثر من ثماني تعاونيات حيث صدر المرسوم التشريعي رقم 65 فكان أول قانون للتعاون في البلاد، وقد خول وزارة الزراعة الإشراف على التعاونيات الزراعية، فتأسست بموجبه وحتى أواخر عام 1958جمعيات تعاونية وعددها 57 جمعية، منها 38 تعاونية زراعية، وبعد صدور قانون الإصلاح الزراعي في أيلول 1958 وقانون التعاون رقم 317 دخلت الحركة التعاونية في سورية مرحلة جديدة، وبموجب القانونين المذكورين أخذت الدولة بإنشاء التعاونيات، وأصبح كل الفلاحين المنتفعين بأراضي الإصلاح الزراعي أعضاء تعاونيين تلقائياً، لأن مبدأ الانتفاع يشترط على الفلاح المنتفع أن يكون تعاونياً أيضاً، فازداد عدد التعاونيات وأصبحت 246 في نهاية عام 1959 منها 105 في أراضي الإصلاح الزراعي ونحو 141 في أرضي الفلاحين المالكين، وهي ما كانت تعرف بالجمعيات الزراعية. 

أخيراً على الرغم من أهمية الدور الذي تقوم به الجمعيات التعاونية الزراعية في خدمة المزارعين والنهوض بقطاع الزراعة، إلا أنها تعاني في ظل الأزمة من مشكلات متراكمة ومحاولات مستمرة لإقصاء دورها، فهل نعيد الدور لها مجدداً؟!.