في التقرير الاقتصادي لاتحاد عمال دمشق: أرقام المكتب المركزي للإحصاء «على مقاس الدول الاسكندنافية الاسكندنافية»!!
على الرغم من كل ما قيل خلال السنوات الماضية عن السياسات التي كان يقوم بها الفريق الاقتصادي باتجاه انهيار الاقتصاد الوطني، والقضاء على أهم ركائزه التي كانت الأساس في القرار الوطني المستقل، لم يحرك أحد ساكناً، فكان ما كان.. ولا يخفى على أحد أن بعض التوجيهات كانت تأتي لمصلحة النقابات والعمال لكن عند التنفيذ كانت أقل من الحد المأمول منه، ولو أخذ منذ البداية بالنقاط التي كانت تثيرها النقابات، لما وصلنا إلى ما نحن عليه الآن.
ففي التقرير الاقتصادي الأخير المقدم من اتحاد عمال دمشق لأعمال المؤتمر السنوي، الكثير من الدلالات والمؤشرات التي تؤكد ما حصل على أرض الواقع من اتباع سياسات اقتصادية مدمرة بحق الوطن، ومن هذا التقرير أخذنا المقتطفات التالية:
«انقضت سنوات الخطة الخمسية العاشرة بكل مالها وما عليها، واستمر الفريق الاقتصادي خلالها بتحرير كل أنواع السلع وتسريع التواتر نحو مزيد من الانفتاح للوصول إلى صيغة اقتصاد السوق الاجتماعي، والذي بدأنا بلمس ثماره الاجتماعية مؤخراً «جداً»، حيث بُدء بتوزيع المعونة الاجتماعية لمن شملهم المسح الاجتماعي منذ أكثر من سنتين، والذي لم يغطّ الكثير من أبناء القطر الذين لا يجدون قوت يومهم بسبب عدم وجود آليات واضحة، وعدم معرفة غالبية المواطنين بوجود هذا المسح، ولعلمنا جميعا أن المسح قد شمل العديد من المواطنين غير المستحقين للمعونة، بسبب عدم وجود دراسة واقعية ورؤية محددة المعالم والأهداف لتحقيق هذا المسح للنتائج المرجوة منه».
وأكدد التقرير أيضاً على ضرورة «ترسيخ مفهوم المواطنة وتعزيز إحساس المواطن بأنه مشارك في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وأن الدولة تعمل على خدمته ورفاهيته وتتعامل معه باحترام وعدالة ومساواة وفقا لمبدأ سيادة القانون، والارتقاء بكفاءة وفعالية مؤسسات الدولة وتشجيع الاستثمار والادخار والاستفادة من الكفاءات وتخفيض تكاليف المعاملات، وتكريس عدالة التوزيع، والحفاظ على القطاع العام كركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد الوطني».
ولتحقيق هذه الأهداف رأى التقرير أنه لابد من «تشكيل هيئه وطنية تضم في جوانبها كافة الفعاليات في القطر من عمال وأرباب عمل وحكومة ومؤسسات العمل الأهلي، وتكون حيادية ونزيهة ممن اشتهروا بنظافة اليد يناط بها عملية الإصلاح الإداري من حيث التشريع والبيروقراطية والجانب المالي ومراقبة تنفيذ الإصلاح الإداري ومتمتعة بكافة الصلاحيات لتحقيق النتائج المرجوة».
أي مناخ استثماري نريد
أكد التقرير من خلال تناوله المناخ الاستثماري أن «نسبة إجمالي الاستثمار العام والخاص في سورية حوالي22% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة 2006-2008، وهي نسبة ضئيلة إذا ما قورنت بالبلدان ذات الاقتصادات الصاعدة، ولا نقول المتطورة، لأن هذه النسبة ضئيلة جدا مقارنة مع الدول المتطورة. ويعود سبب تدني النسبة لضآلة موارد الحكومة نتيجة التهرب الضريبي». ونوه التقرير إلى أن «للرجوع للحالة الاقتصادية الصحية لا بد من تحقيق ما يلي:
ا- العمل على تخفيض نسبة الفقر عن طريق دعم وتكريس الحفاظ على الطبقة الوسطى في المجتمع والتي بدأت تضمحل وتندثر وتزول اغلب مكوناتها إلى الحد الأعلى من الفقر نتيجة تطبيق سياسة اقتصاد السوق الاجتماعي.
2 - العمل على الإسراع في تطبيق الشق الاجتماعي لاقتصاد السوق، وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية لتشمل كل المحتاجين والمرضى والعاطلين عن العمل.
4 - تيسير وتسهيل حصول الفقراء على قروض بدون فائدة لتمويل مشاريع صغيرة أو متناهية الصغر ليتمكنوا من إعالة أنفسهم ومن يعولون».
أرقام تكشف المستور
ولهذا كله ذهب التقرير إلى تحليل بعض الأرقام التي وردت في الخطة الخمسية العاشرة، فكان الآتي:
1 - معدل النمو: بلغ معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي حسب المكتب المركزي للإحصاء 5،24%وهذا المعدل طبعا غير حقيقي، ولم ينعكس على عملية التنمية فهو معدل نمو وهمي لان النمو الحقيقي ينعكس على عملية التنمية الشاملة (خدمات –فرص عملها – رفاه ).
2 - معدل التضخم: بلغ معدل التضخم 8،1 %حسب المكتب المركزي للإحصاء، وهو معدل عال جداً مقارنة بالبلدان ذات الاقتصاديات المتقدمة، في حين كان هذا المعدل مطابقا للواقع، ولكن إذا درسنا الواقع الاقتصادي بشكل عقلاني نجد أن هذا المعدل قد تجاوز 20 % .
3 - معدل البطالة: بلغ معدل البطالة حسب المكتب المركزي للإحصاء 8،9 %، وهذه النسبة رغم ارتفاعها غير واقعية البتة، فإذا درسنا هذه النسبة بشكل واقعي ومنصف نجد أنها تجاوزت 30 %.
4 - حصة الاستثمار في الناتج المحلي الإجمالي بلغت 20 % حسب المكتب المركزي للإحصاء، إلا أن هذه النسبة غير واقعية أيضاً نتيجة أن اغلب الاستثمارات كانت متجهة نحو قطاعات ريعية غير منتجة لا تجلب أية قيمة مضافة ولا تشمل أيدي عاملة. ومن وجهة نظرنا لا تكاد ترقى هذه النسبة الى10 %.
5 - نسبة مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي بلغت 20 % حسب المكتب المركزي للإحصاء، وبتحليل هذه النسبة نجد عدم موافقتها للواقع الذي يقول إن هناك آلاف المزارعين هاجروا من الجزيرة وتركوا أراضيهم وتوجهوا إلى مراكز المدن، وتحولوا إلى متسولين وبائعي بسطات نتيجة لرفع أسعار حوامل الطاقة والأسمدة والجفاف الذي ساد المنطقة في السنوات الأخيرة.
6 - بلغت نسبة الإيرادات الضريبية غير النفطية 56 % من الناتج المحلي الإجمالي نتيجة فرض ضرائب غير مباشرة على كافة السلع والخدمات، وهنا لابد لنا من التحدث عن إعادة توزيع العبء الإجمالي، فالضرائب غير المباشرة ضرائب غير عادلة، ولا بد من إيجاد وسيلة لإعفاء الفقراء من هذه الضرائب.
7 - نسبة العرض على العمل حسب المكتب المركزي للإحصاء 1،68 % كمتوسط، ونسبة الطلب على العمل تكاد تساوي هذه النسبة، وعلى ما يبدو فان المكتب المركزي للإحصاء قد سجل هذه النسبة نتيجة لإحصاء العاطلين عن العمل في إحدى الدول «الاسكندنافية» .
أما في القطاع غير المنظم فيوجد نحو 1،7مليون عامل في هذا القطاع، أي ما يعادل 33،2 من إجمالي قوة العمل حسب المكتب المركزي للإحصاء، وأغلب هؤلاء العاملين يعملون في قطاع البناء والتشييد والزراعة والسائقين.
في مجال القطاع الخاص
رأى التقرير أنه في مجال قانون العمل رقم 17لعام 2010، «يجب تعديل كل من المادتين 64-65 بخصوص التسريح التعسفي، بالإضافة إلى أن أغلب أرباب العمل لم يفوا بالتزاماتهم القانونية تجاه العاملين من حيث التعويضات وغيرها، ومن هنا نتساءل أين الهمة التي كانت عليها وزارة العمل عند إصدار القانون؟ وهل خارت هذه الهمة بعد صدور القانون ومن الواجب عليها متابعة تنفيذ القانون وتطبيقه بعد أن دخل حيز التنفيذ وأصبحنا جميعا عمالا وأرباب عمل تحت ظله. وفي هذا المجال لا بد لنا من التطرق لوضع السوق الداخلية، فنتيجة لتحرير أسعار كل السلع شهدت الأسواق السورية ارتفاع أغلب السلع حتى بعد صدور مرسوم تخفيض رسم الإنفاق الاستهلاكي، فالخضار والفواكه مازالت مرتفعة، وفي الحد الأدنى فان كيلو البطاطا بـ30 ل.س، كيلو البندورة 35ل.س، كيلو الخيار 50 ل.س، كيلو البرتقال 40ل.س، كيلو الموز 60 ل.س، كيلو التفاح 60 ل.س... أما المواد التموينية: زيت الذرة 135 ل.س، كيلو السكر 50ل.س، كيلو الرز 65ل.س...الخ. أما اللحومات: كيلو لحم الضان 900ل.س، كيلو الفروج 120 ل.س.... الخ».
ومن هنا نجد أن الفلتان في الأسعار لا يوجد له أي ضابط حتى ضابط العرض والطلب غير موجود، فالمتحكم بالأسعار هو جشع التاجر واحتكاره دون وجود أي رقيب أو محاسب .