رئيس نقابة عمال النفط يناطح مافيا المحروقات 400 مليون ليتر من المازوت وُزّعت.. وخسائر بالمليارات
يبدو أن تجار السوق السوداء ومستثمري الأزمات الذين لا يتوانون لحظة عن نهب المواطن وسلبه بشتى الطرق، قد وجدوا ضالتهم في الأزمة الحالية، وأقفلوا ضمائرهم وتركوا الوجدان والأخلاق وحتى إنسانيتهم في مكان ما لن يكتشفه إلا المصباح السحري.
مستفيدين من الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد لتدمير اقتصاد الوطن وسرقة مقدراته، وذلك باحتكار المواد الرئيسية وتخزينها وخاصة المحروقات منها بالتواطؤ مع ضعاف النفوس من المتنفذين في داخل جهاز الدولة وخارجه، ومن ثم بيعها للمواطن بأسعار بعشر أضعافها.
رئيس نقابة عمال النفط باتحاد عمال دمشق علي مرعي الذي حلف أغلظ الإيمان أنه لن يكل أو يمل من فضح هؤلاء الفاسدين، ما زال على موقفه رغم الصعوبة في مواجهة مافيا المحروقات أو كمن يناطح الجبال.. يؤكد مرعي في تصريح لـ«قاسيون»: أن سبب البلاء في أزمة المازوت الطريقة المتبعة في توزيع أكبر الكميات على المحطات التابعة للقطاع الخاص بدل العام، مشيراُ أن الحكومة وعند أول فصل الشتاء قالت إنها ستعتمد آلية جديدة ستكون جيدة ومحكمة في جميع المراكز التي تم تحديدها وعبر مكاتب المخاتير في الأحياء والبلديات، ليتم الاستغناء عن قسائم الدعم التي كانت معتمدة في فترات سابقة بشكل نهائي، حيث سيتم تسجيل اسم كل أسرة تمتلك دفتر عائلة بشرط وضع الختم على الدفتر الذي تم تسجيله بهدف عدم حصول أية عائلة لأكثر من مستحقاتها الشهرية المقررة، على أن يكون أولاً من الصعوبة التلاعب بطريقة الدعم هذا العام، وثانياً لكي لا يذهب الدعم لغير مستحقيه من الفاسدين أو تجار السوق السوداء كما كان يحدث خلال السنوات الماضية.
أين ذهبت الأرباح
وأضاف مرعي أنه وبناء على ذلك قامت المحافظة بوضع قوائم حددت بموجبها المراكز التي سيتم بها تسجيل الدور في كل من محافظة دمشق وريف دمشق، أما المناطق المتوترة فوضعت لها آلية خاصة.
وقال مرعي: ما خطط له كان من المفترض أن يخفف من كميات المازوت المطلوبة للاستخدام خاصة بعد سفر آلاف العائلات خارج البلد، وأخرى تضررت منازلها نتيجة العنف، بالإضافة للأسر التي سكنت في أماكن الإيواء التي حددتها الدولة، والتي ستقوم هي بتأمين المازوت لهم مجاناً وبشكل جماعي بطريقتها.
يتساءل مرعي خلال تصريحه: ما الذي حقق من كل ما قيل؟ وهل نفذت الجهات المعنية الآلية الجديدة أصلا؟!.
يرد مرعي قائلاً: إن الذي حصل كان العكس تماماً، لأن هناك هدراً كبيراً جرى في عمليات توزيع مادة المازوت من شركة المحروقات، وذلك نتيجة اعتمادها في التوزيع على القطاع الخاص، إذ تقوم هذه المحطات ببيع المادة في السوق السوداء وتهريبها وبالسعر الذي تريده، محقّقة أرباحاً طائلة على حساب الشعب والوطن، وكشف مرعي بعض عمليات التهريب ذات المستوى الكبير مؤكداً أن ما يقارب 400 مليون ليتر من المازوت وُزّعت في فترة الصيف الماضي على محطات القطاع الخاص، فأين ذهبت تلك الكميات ولجيوب من دخلت الأرباح؟!.
مافيا المحروقات
وأوضح مرعي أن أسلوب عمل الشركة وطريقة التوزيع خاطئة مئة بالمئة، ولا تحقّق العدالة في التوزيع، لأنها تحرم المستحقين الحقيقيين للمادة وتمنحها للغير، والغريب أن الشركة وقعت في الإرباك نفسه هذا العام لجهة التوزيع والذي كانت تقع به كل عام وكأن شيئاً لم يكن، مع العلم أن النقابة نبّهت قبل بدء الشتاء إلى ضرورة إيجاد آلية سليمة للتوزيع منعاً لحدوث مثل الأزمة التي نعيشها اليوم.
قال مرعي إن وزير النفط وفي آخر اجتماع له مع النقابة وجه بتخصيص الكميات الكبيرة لمحطات القطاع العام لهذا الموسم، وتخفيض الكمية المخصّصة للقطاع الخاص، وذلك في سبيل تلبية حاجة المواطن والتخفيف من حدة الأزمة، إلا أن الذي حدث هو العكس أيضا إذ زُوّد القطاع الخاص بكميات كبيرة، فيما أعطت المادة على القطاع العام بـ«القطارة»، وكشف مرعي خلال تصريحه إلى أن مئات الآلاف من اللترات تذهب إلى محطات مغلقة كونها توجد في مناطق ساخنة بريف دمشق، الأمر الذي يساعد على تهريبها وبيعها بسعر كبير بدلاً من أن توزّع على محطات دمشق بسبب الكثافة السكانية، بعد أن أصبح قسم كبير من سكان الريف في دمشق.
وأكد رئيس النقابة أن مطلبهم مع المواطنين هو: أين تذهب مادة المازوت ومخصّصات هذه المحطات مادامت المحطات مغلقة؟ ومن هي مافيا هذه العمليات؟ ومن المستفيد؟ منوهاً بوجود محطات سجل لها /17/ طلباً بشهر واحد وكل طلب لا تقلّ كميته عن /20/ ألف لتر، وهذه الطلبات سجلت في الصيف، متسائلاً: ألا يعني هذا وجود فساد كبير وعلى أعلى المستويات بعمليات التوزيع؟ وهل فكّر أحد المسؤولين ولو لمرّة حساب حجم الخسائر المالية للخزينة العامة للدولة والتي تقدّر بمليارات الليرات؟!.