بصراحة : الصوت النقابي في الحوار الوطني!
عقد في«23-24»من الشهر الجاري مؤتمر للحوار الوطني نظمته اللجنة المنبثقة عن مؤتمر طهران التحاوري، دعي للمؤتمر ممثلو أحزاب، وتيارات، وشخصيات معارضة بالإضافة لأحزاب، وقوى سياسية مؤيدة للنظام، ومن بين القوى المدعوة ممثلو الحركة النقابية، وممثلو النقابات المهنية
حيث طرح على جدول أعمال المؤتمر وجهات نظر، ورؤى متعددة أبرزها مبادرة رئيس الجمهورية، وخارطة الطريق للخروج الآمن من الأزمة لقوى التغيير السلمي، معظم الحضور أدلى بدلوه في الأزمة ومسبباتها وكيفية الخروج منها، وجرى الحديث عن المخاطر الكبيرة التي تواجه الوطن أرضاً وشعباً بسبب تصاعد الأعمال العسكرية بين الجيش العربي السوري والمجموعات المسلحة، خاصةً القوى التكفيرية، ويأتي في مقدمتها جبهة النصرة التي تحمل مشروعاً ظلامياً، لابد من مقاومتة و إلحاق الهزيمة به، وعندها ستكون الهزيمة للمشروع الإمبريالي الرجعي الداعم الأساسي للقوى التكفيرية.
إن القوى الإمبريالية تعمل بكل الوسائل، وبشتى الطرق على إنجاح مشروعها مستفيدةً إلى الحدود القصوى من الثغرات التي فتحتها في جدارنا الداخلي استناداً على قوى داخلية تلتقي مصالحها ومشروعها مع المشروع الإمبريالي الرجعي، وهذه القوى هي بوابات العبور إلى الداخل، حيث حذرت القوى الوطنية، وفي مقدمتها «حزب الإرادة الشعبية» من خلال جريدته قاسيون، من الدور المتعاظم التي تلعبه قوى الفساد الكبير في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية مستخدمين النفوذ الكبير لهم في أجهزة الدولة المختلفة، مما جعلهم قادرين على فرض برنامجهم المعبر عن مصالحهم التي هي على نقيض من مصالح الشعب السوري مما جعل التناقضات في المجتمع السوري تتعمق، والأزمات تشتد، خاصة الفقر والبطالة.
بالمقابل فإن القوى الأخرى من أحزاب وتيارات، ونقابات عمالية ومهنية تم رسم خطوط حمراء لها تحدًّ من قدراتها وإمكانياتها في الرد على المشروع الآخر، حيث يتطلب ذلك مستوى عالياً من الحريات السياسية والنقابية والديمقراطية، ولكن ما هو جارٍ على الأرض أفقد تلك القوى قدراتها، وجعل حراكها ضمن ما يرسم لها وما توجه به، وإن كان ذلك سيوقعها مع من تمثل في تناقض تصبح إمكانية حله تحتاج إلى جهود مضنية تقنع أصحاب المصلحة الحقيقية بشرعية، وصدقية تمثيلهم، عبر العمل الفعلي والملموس دفاعاً عن مصالحهم وحقوقهم في مواجهة من نهبهم وحرمهم من أبسط الحقوق في أن يعيشوا في وطنهم بكرامتهم التي أولها حقهم بالعمل وحقهم بمستوى معيشي يمنع عنهم الحاجة والعوز، ومن هنا يكتسب العمل السياسي والمهني والنقابي أهميته في الظروف الأستثنائية التي يعيشها شعبنا في بلورة موقف سياسي طبقي مستقل في مواجهة المواقف السياسية والطبقية لقوى الفساد والنهب الساعية الآن على تظهير برنامجها المتوافق إلى حد بعيد مع المشروع المعادي الذي يجري طبخه داخلياً وخارجياً عبر تهيئة الظروف والمناخات حتى يصبح هو المشروع الوحيد والمخلص للشعب السوري من أزمته الوطنية العميقة.
من هنا أستغرب الكثيرون غياب الصوت النقابي الذي كان من المفترض أن يكون صوتاً واضحاً وقوياً في تقديم رؤية الحركة النقابية والطبقة العاملة السورية في الحل السياسي والحوار القادمين بالتأكيد، وهذا الغياب الذي جرى عن مؤتمر الحوار يطرح تساؤلات مشروعة حول موقف الحركة النقابية، وهي الحركة الوطنية بامتياز، المفترض إبرازه، والتأكيد عليه، وشد الأطراف الأخرى نحوه، كموقف معبر عن رؤيتها في المسببات الحقيقية للأزمة، والمخرج الوطني منها الذي يعني أن تكون سورية مقاومة، متقدمة اقتصادياً، ديمقراطية، وتعددية.
إن الطبقة العاملة السورية قد عانت أكثر من غيرها من الأزمة، وما قبل الأزمة بسبب السياسات الاقتصادية الليبرالية، وبسبب غياب الحريات النقابية والديمقراطية التي لم تمكنها من الدفاع عن حقوقها ومصالحها الوطنية والطبقية، لذا فهي معنية أكثر من غيرها في أن تخرج سورية من أزمتها الوطنية موحدة معادية لقوى النهب والفساد، ومقاومة للمشاريع الإمبريالية.