يجب إلزام ربّ العمل بضمان حقوق العمال
تعيش الحركة النقابية مخاض كما كل المجتمع السوري منذ الأزمة التي عصفت بالبلاد، والتي بدأت منذ تبني ما يسمى اقتصاد السوق الاجتماعي (الاسم الحركي لليبرالية)، حيث وصلت بنا إلى ما نراه اليوم على الساحة السورية من فقر وبطالة وهضم لحقوق العمال، وانتشار واسع للفساد وتدمير البلاد، وهذا ما حذرت من مخاطره كوادر الحركة النقابية.
إن هذا المخاض سينجم عنه ولادة جديدة مختلفة في الخطاب والبرامج والأدوات لتتناسب مع طبيعة المرحلة، والمهمات التي يجب على الحركة النقابية إنجازها مستفيدة من تجاربها التي مرت بها قبل وخلال الأزمة.
وهذا سيرفع من دور الحركة النقابية القادم في الحياة السياسة والاجتماعية والاقتصادية، والتي ستكون مختلفة عن الماضي بعناصر قوة جديدة تعزز دور سورية الوطني المقاوم للإمبريالية والصهيونية التي تسعى إلى عودة بلدنا سورية إلى ما قبل الدولة الوطنية، وهذا الكلام ليس من باب الأمنيات بل بما تملكه الحركة النقابية من قوة يأتي في مقدمتها تمثيلها لمصالح ملايين العمال والفقراء، مما يحتم عليها أن تكون في مقدمة القوى الوطنية الفاعلة على الأرض، وخاصة أن الظرف الموضوعي مناسب للحركة النقابية من الناحية السياسية للعب ذلك الدور الوطني المنوط بها إلى جانب القوى الوطنية في البلاد من أجل الوصول إلى مخرج آمن للازمة عبر حل سياسي يبدأ بالحوار، وهذا يتطلب تعزيز استقلالية الحركة النقابية كمنظمة شعبية ممثلة لمصالح وحقوق الطبقة العاملة بما فيها حقوقها السياسية والديمقراطية، وعلى رأسها تبني حق الإضراب كحق لا يجوز التنازل عنه تحت أي ظرف باعتباره السلاح السلمي الوحيد التي تدافع به الطبقة العاملة عن حقوقها، وخاصة التوزيع العادل للثروة التي ينهبها الفاسدون وهو استحقاق دستوري بامتياز.
وهنا أؤكد على ما جاء به رئيس اتحاد عمال دمشق في اجتماع مجلس الاتحاد العام الأخير حول ضرورة الحوار الذي ينتج نموذجاً اقتصادياً جديداً يكون مولداً للتنمية وليس شافطاً لها، أي أن تحدد هوية الاقتصاد السوري اليوم اقتصاداً فيه توزيع عادل للثروة الوطنية، وإيجاد منظومة تشريعية ضامنة لحقوق العمال الذين يساهمون دوماً بصمود سورية لذلك لا بد من تعديل قانون العمل رقم /17/ لعام 2010، الذي اعتمد قاعدة العقد شريعة المتعاقدين لكنه تناسى أن هذا المبدأ يخص الإرادة الحرة بين أطراف العقد، واستعمل كسيف مسلط على رقاب العمال في علاقات العمل.
والسؤال هو: هل العامل (الطرف الضعيف) صاحب إرادة حرة كاملة وغير منقوصة أمام صاحب عمل أياً كان دولة أو أرباب عمل؟!.
لذلك لا بد من تجميد مفاعيل هذه القاعدة فيما يخص العلاقات العمالية، ويجب أن يتضمن القانون نصوصاً قانونية ملزمة، أي أن تحمل صيغة الالزام على صاحب العمل ضمانة لحقوق العمال.