عمال السياحة في دير الزور.. الضحية بين مراوغة الحكومة ونهب رجال الأعمال
اعتاد كبار المسؤولين قبل صغارهم إخفاء الحقائق والمناورة باستمرار حتى لا تنكشف عوراتهم وسوءاتهم من فساد ونهب وإهمال، والخاسر هو دائماً الوطن والشعب بجميع فئاته، وخاصةً العمال والمواطنين الفقراء.. ولكثرة ما فعلوا ذلك يمكن القول: كذب المسؤولون ولو صدقوا.. والذي يثير الألم أن الإعلام الرسمي لم يقم بدوره في كشف الحقائق، وإن فعل أحياناً فهو لا يضع يده على الجرح، هذا في الظروف العادية، فكيف بالظروف والأزمة العميقة التي يمرّ بها وطننا الحبيب سورية، والتي فجرتها السياسات الاقتصادية الاجتماعية وقوى النهب والفساد ومن يحميهم من قوى القمع المستفيدة والمرتبطة بهم..
وحتى لا نذهب بعيداً.. وزيرة السياحة تصرح أن وضع السياحة في سورية لم يتأثر.. ويرد أحد العمال المخلصين فيقول: بكيتُ عندما سمعت هذا الكلام، فالواقع يختلف كثيراً.. وإليكم بعض الوقائع في دير الزور.
في 5/9/2011 وجه رئيس مكتب نقابة عمال السياحة بدير الزور أحمد العباس مذكرةً إلى الاتحاد المهني عن طريق اتحاد عمال المحافظة تشير إلى معاناة القطاع السياحي القاسية نتيجة انخفاض الأشغال وانعدامها في بعض المنشآت السياحية وانعكاسات ذلك على العمل والعمال ومنها:
ـ لم تصرف الزيادة الأخيرة للرواتب والأجور وكذلك زيادة التدفئة بما فيها رفع سقف الراتب في القطاع الخاص والمشترك وللعاملين في شركات خدمات الاطعام مع شركات النفط.
ـ تخفيض نسبة العمال والتسريح الكبير.. وسيتم تسريح آخرين..
ـ إغلاق بعض المنشآت وعدم قدرتها على دفع ما يترتب عليها من التزامات خدمية من كهرباء وماء وهاتف وضرائب وغيرها..
وطالبت المذكرة بالدعوة لاجتماع مشترك بين ممثلين عن العمال وأرباب العمل والمعنيين في الحكومة والوزارات لإيجاد الحلول ودعم القطاع السياحي في المحافظة، وعلى مستوى الوطن. وقد وجه الاتحاد المهني مذكرةً بالمحتوى ذاته إلى وزير الصحة بتاريخ 5/11 أي بعد شهرين فقط.. وهذا ألا يتناقض مع تصريح السيدة وزيرة السياحة..؟
ولمّا تنته الحكاية بعد، فمن لم يسرح من العمال جرى تخفيض أجورهم إلى الثلثين ومن ثم إلى النصف، كما أجبروا على التوقيع على إجازةٍ مدتها عشرة أيامٍ من كلّ شهر، وتم نقل حوالي عشرين عاملاً وعاملةً من فندق فرات الشام في دير الزور إلى منتجع الشاطئ الأزرق على الساحل نقلاً تعسفياً بقرار من رئيس مجلس الإدارة الدكتور المهندس عثمان العائدي، وهو كما يعرف الجميع أحد المستثمرين الكبار..
وكان العمال أكثر تفهماً من المسؤولين الحكوميين والمستثمرين، وقبلوا وضحوا وهم الفقراء والمستضعفون بعكس الأغنياء والمستفيدين من المسؤولين..
أما آخر المصائب التي وقعت على رؤوس العمال، فهو توقف فندقي فرات الشام وبادية الشام عن العمل نتيجة قطع الكهرباء عنهما منذ عشرين يوماً بسبب الديون البالغة حوالي ستة ملايين ليرة, وذلك بقرار من وزير الكهرباء. وقد وجه مكتب النقابة واتحاد عمال المحافظة مذكرة إلى القيادة السياسية في المحافظة وإلى الاتحاد العام للعمال، وحتى الآن وضع حوالي مائة عامل في مهب الريح رغم أنّ بعضهم قد أوشك على التقاعد، فكيف لهم أن يعيشوا ويعيلوا أسرهم؟.
بعد كلّ هذه المعاناة والمصائب، وهي عينة بسيطة مما يعانيه العمال وأبناء الوطن عموماً من النهب والفساد وهضم الحقوق وكبت الحريات في التعبير عن المطالب، لم يتحرك أحد، فلماذا؟..