مشكلة عمال محروقات «الموسميين» ما تزال مستمرة
كثيراً ما تنشأ الأزمات نتيجة القرارات المتسرعة أو التعسفية، غير مدروسة النتائج على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، والتي يدفع ثمنها الكثيرون من عمالنا وأسرهم الذين يُحرمون من مصدر عيشهم بجرة قلم على قرار ارتجالي متسرع، كما حدث لحوالي 400 عامل يُعتبرون مؤقتين مع أن لهم على رأس عملهم حوالي سبع سنوات، من عمال شركة محروقات، الذين شرح قضيتهم كتاب الاتحاد العمال لنقابات العمال رقم 117/ص تاريخ 1/7/2010، الموجه إلى القيادة القُطرية ـ مكتب العمال والفلاحين القُطري، الذي جاء فيه: «طُرح في مجلس الاتحاد العام في دورته السابعة بتاريخ 2/5/2010 وبحضور السيد رئيس مجلس الوزراء موضوع إنهاء عقود 18 عاملاً موجودين على رأس عملهم منذ عام 2004 بصفة عمال موسميين في دائرة غاز المنطقة الساحلية. وبناء على توجيه السيد رئيس مجلس الوزراء رفع الاتحاد العام الكتاب رقم 917/8/ تاريخ 4/5/2010
يشرح فيه وضع هؤلاء العمال بأنهم يعملون كعمال موسميين منذ عام 2004 على أعمال دائمة وعلى خطوط الإنتاج. وتجدد عقودهم تلقائياً نتيجة لاكتسابهم الخبرة والمهارة في العمل، إلا أن السيد المدير العام لشركة المحروقات أصدر التعميم رقم 48 تاريخ 13/6/2010 أنهى بموجبه عقود أكثر من 400 عامل على مستوى القطر، وبدلاً من حل مشكلة 18 عاملاً انقلبت إلى مشكلة أكثر من 400 عامل. يرجى المساعدة والتوسط من أجل استمرار التعاقد مع هؤلاء العمال كونهم على رأس عملهم منذ سبع سنوات اكتسبوا خلالها الخبرة والمهارة اللازمتين للعمل، منوهين إلى الأثر الاجتماعي والاقتصادي على هؤلاء العمال وأسرهم». التوقيع: أمين شؤون العمل أحمد الحسن، ورئيس الاتحاد العام محمد شعبان عزوز.
والكتاب اللاحق الذي وجهه الاتحاد العام لنقابات العمال برقم 1409/8 تاريخ 5/7/2010 إلى وزير شؤون رئاسة الجمهورية، وجاء فيه: «لقد تم تشغيل مئات العمال في الجهات العامة بموجب عقود تشغيل موسمية على أعمال ذات طبيعة دائمة، لمدة ثلاثة أشهر، سواء عن طريق مكاتب التشغيل أو مباشرةً بموافقة السادة الوزراء. وبدل إنهاء هذه العقود في نهاية الأشهر الثلاثة استمر تشغيل هؤلاء العمال لعدة سنوات خلافاً لأصول التشغيل المعتمدة من مكاتب التشغيل، لأن الجهات العامة كانت ولاتزال بحاجة إليهم، وقد اكتسبوا الخبرة ولا يمكن الاستغناء عن الكثيرين منهم بدليل استمرار هذه الجهات بتشغيلهم لسنوات تزيد عن الخمس. وقد وجه بعض مفتشي الجهاز المركزي للرقابة المالية بإنهاء عقود هؤلاء العمال، والإدارات والوزارات أصبحت محرجة تجاه الاستمرار بالتعاقد معهم رغم حاجتها لخدماتهم، فوجهت بإنهاء عقودهم ما أدى إلى مشكلة توقف ما يقارب الـ1000 عامل في مؤسستي التبغ والمحروقات، وما يترتب على ذلك من آثار اجتماعية على العمال وأسرهم، وهم في مراجعة يومية للاتحاد العام لنقابات العمال..
يرجو الاتحاد العام لنقابات العمال التوجيه بتشكيل لجنة من الوزارة المختصة ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والجهاز المركزي للرقابة المالية والاتحاد العام لنقابات العمال، وتكليف هذه اللجنة بدراسة المسألة ومعالجتها وفق مصلحة العمل والحاجة الفعلية، وتحديد العمال الذين لا تزال الجهات العامة بحاجة لخدماتهم والتي ستقوم بتعيين بدل عنهم فوراً لعدم إمكانية العمل بدونهم وتتطلب طبيعة العمل استمرارهم، مثل عمال شركة محروقات والمؤسسة العامة للتبغ والمؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان وغيرها، وإيجاد حل قانوني والبحث عن آلية لاستمرارهم بالعمل بعقود سنوية أو غير ذلك من الصيغ القانونية، ووفقاً لأحكام القانون الأساسي للعاملين بالدولة».
كما تم شرح ملابسات الموضوع والحاجة الماسة لبقاء هؤلاء العمال على رأس عملهم في كتاب وزارة النفط والثروة المعدنية رقم 711/6/س تاريخ 12/7/2010 الموجه إلى رئاسة مجلس الوزراء ـ المكتب الخاص.. وجاء فيه:
«.. ـ يتم التعاقد مع عدد من العمال الموسميين للقيام بأعمال تعبئة وشحن وتفريغ المشتقات النفطية والغاز بعقود موسمية لمدة ثلاثة أشهر وفق الصك النموذجي لاستخدام العمال الموسميين الصادر بقراركم رقم 547 تاريخ 7/2/2005، ووفقاً لما تتطلبه طبيعة العمل لدى الشركة.
ـ يتم فك العمال بنهاية العقد ومن ثم تجري إعادة التعاقد مع بعضهم حسب ظروف المكان وتوفر العمال بفارق زمني (أسبوع تقريباً) وللحاجة الماسة إلى خدماتهم لاكتسابهم الخبرة ولتأمين الاستقرار بسوية الإنتاج.
ـ إن فترة كل عقد البالغة ثلاثة أشهر لا تمثل موسماً واحداً، حيث أن الشركة تتوخى من ذلك الإجراء عدم إطالة فترة الاستخدام أو إقصارها، لأن عوامل كثيرة لا يمكن الوقوف عليها سلفاً أو التحكم بها، تلعب دوراً بارزاًَ في ذلك منها طبيعة الطقس وظروف مفاجئة وغير متوقعة، ولفترات غير معروفة ولاختلاف استهلاك المواد النفطية على مدار السنة.
ـ إن هذا الإجراء لا يتعارض مع القوانين والأنظمة النافذة...
ـ إن قيام الشركة بإنهاء التعاقد مع العمال الموسميين الذين كانوا يعملون لديها قد تم بناء على مقترحات وتوصيات الجهاز المركزي للرقابة المالية بكتابه رقم 545-2/65-2010 تاريخ 31/5/2010».
التوقيع وزير النفط والثروة المعدنية المهندس سفيان العلاو.
لقد فات الأوان كثيراً على بقاء تسمية مثل هؤلاء العمال بالمؤقتين، نظراً لطول مدة التشغيل والحاجة الماسة لتشغيلهم وأولاً وأخيراً حقهم بالعمل الذي كفله لهم الدستور والذي لا يملكون مورد رزق سواه. علماً أن كثيرين منهم قد حققوا إنجازات كبيرة على صعيد توفير ملايين الليرات السورية وحصلوا على شهادات أبطال إنتاج. فهل هكذا يكافأون بتسريحهم وقطع مصدر عيشهم؟!
إن «قاسيون» تتضامن مع هؤلاء العمال وتطالب بحقهم ببقائهم في عملهم حفاظاً على كرامتهم ولقمة عيشهم، ولمصلحة العمل قبل كل شيء.