مطالب عاجلة رفع الحد الأدنى للأجور... وزيادة الأجور
قانون العمل الجديد رقم /17/ كان حاضراً في مداخلات عمال القطاع الخاص، التي ألقيت أمام المؤتمرات النقابية، موضحين فيها المخاطر الحقيقية التي تهدد حقوقهم ومصالحهم، مبدين قلقهم على أوضاعهم وحقوقهم التي يعتدي عليها الكثير من أرباب العمل، وخاصة أجورهم التي يتقاضونها، وهي متدنية ولا تتناسب مع غلاء الأسعار الفاحش، والذي يسبب بشكل مستمر تدني مستوى معيشة العمال، وعدم قدرتهم على تأمين المتطلبات اليومية من غذاء ولباس ودواء وتعليم.
طالب العمال في هذه المؤتمرات بزيادة أجورهم، ورفع الحد الأدنى للأجور التي لم تتغير منذ سنوات طويلة، فهل يعقل أنه حتى الآن ومع هذا الارتفاع الفاحش في تكاليف المعيشة أن يبقى الحد الأدنى للأجور /6010/ ل.س، وهذا بداية التعيين للعمال في القطاع الخاص، ويعيَّن الكثير من العمال بأقل من الحد الأدنى المعلن!!
جاء في قانون العمل رقم /17/ في باب الأجور المادة /70/:
أ ـ تتولى اللجنة الوطنية مهمة وضع الحد الأدنى العام للأجور، وإعادة النظر فيه للعاملين المشمولين بأحكام هذا القانون.
ب ـ تراعي هذه اللجنة في أداء مهمتها الأزمات الاقتصادية، وهبوط النقد وسعر صرف العملة الوطنية، والقوة الشرائية، والمستوى العام للأسعار، وغيرها من المتغيرات الاقتصادية.
لقد مضى عام كامل على صدور قانون العمل، والأوضاع المعيشية وارتفاع الأسعار وضعف القوة الشرائية في تدهور دائم، كل هذه الأمور التي تستدعي من اللجنة الانعقاد ورفع الحد الأدنى للأجور، ولكنها لم تنعقد حتى الآن، ولا مبرر للأسباب التي تمنع لم شمل هذه اللجنة، ونعتقد أن السبب في ذلك هو الموقف العام لأرباب العمل والحكومة من قضية الأجور وضرورة وأهمية رفعها، بما يتناسب مع غلاء الأسعار ومستوى المعيشة.
إن قضية الأجور قضية مفتاحية لحل الأزمات المستعصية الاجتماعية والاقتصادية، وتدخل بعلاقة مباشرة في تعزيز الوحدة الوطنية، التي هي الآن ضرورية في مواجهة المشاريع الاستعمارية الأمريكية ـ الصهيونية، وأتباعها من قوى السوق الذين يسعون لتعميق بؤر التوتر الداخلية واللعب على حبالها، لمنع تعزيز الوحدة الوطنية، وضرب مقومات الصمود الوطني.
الغريب في الأمر أن النقابات تتعامل مع قضية الأجور وضرورة زيادتها من خلال سلم متحرك مع الأسعار بقليل من الجدية، والمفترض بها الضغط المستمر على الحكومة وأرباب العمل من أجل إنجاز هذه القضية الهامة، خاصةً وأن الحكومة قد حررت الأسعار والأسواق وجمدت الأجور وضيقت على الطبقة العاملة، والمفترض بالنقابات والعمال أن يكسروا هذا الحصار الذي تفرضه الحكومة وقوى السوق على أجور العمال، وهذا يتطلب من النقابات نزع الغشاوة التي تفرضها العلاقة التشاركية بين الحكومة والنقابات، ورؤية الواقع الذي يتدهور يوماً بعد يوم، نتيجة للسياسات الليبرالية التي تسير بها الحكومة خدمة لقوى السوق والمستثمرين، وفي مواجهة حقوق العمال ومكاسبهم.
إن تعزيز وحدة الحركة النقابية يكون بالدفاع عن حقوق العمال في القطاع العام والخاص، وخاصة الدفاع عن حقوق عمال القطاع الخاص، وبتحقيق هذا فإن الحركة النقابية ستكسب كثيراً، وهي قادرة على ذلك إن تحررت من القيود التي تكبل إمكانياتها وقدراتها. إن الخطاب النقابي والأدوات النقابية التي يجري العمل وفقهما لم ولن تلبي متطلبات الدفاع عن حقوق ومكاسب الطبقة العاملة، في الوقت الذي يتسع فيه تذمُّر العمال واستياؤهم من استمرار أوضاعهم المعيشية على ما هي عليه، وهذا سيدفع بهم للحركة خارج نطاق الحركة النقابية طالما أنها لا تلبي مطالبهم المشروعة التي يعلنون عنها داخل المؤتمرات وخارجها.
إن التطورات الإقليمية والعالمية، وفي ظل التوترات الجارية، لابد أن تدفع النقابات السورية لإعادة مراجعة خطها النقابي وتطويره بالاتجاه الذي يؤمن المصالح الوطنية للطبقة العاملة السورية، مستخدمة في ذلك كل أشكال النضال للدفاع عن مكتسباتها وعن لقمة عيشها، وفي مقدمتها حق الإضراب السلمي للطبقة العاملة، الذي من خلاله يمكن الدفاع عن مصالحها، طالما أن قوى السوق وأرباب العمل لهما كامل الحقوق والحرية في إقرار مصالحهم والدفاع عنها.