بصراحة   لنكسر لهم هذا الوهم!!
عادل ياسين عادل ياسين

بصراحة لنكسر لهم هذا الوهم!!

يعرف عتاة مروجي السياسات النيوليبرالية في بلدنا أن العدو الحقيقي لسياساتهم، والقوة الأكثر قدرة على الوقوف في وجههم وفضح برامجهم، ولجم طموحاتهم إن أتيحت لها الفرصة وتوفر لها المناخ المناسب، هي الطبقة العاملة، لذلك يبذل هؤلاء كل ما بوسعهم في سبيل عدم امتلاكها لناصية الأمور، وإبقائها مفتتة، مشتتة غير قادرة على القيام بأي فعل حاسم للدفاع عن نفسها وحقوقها.

وفي هذا الإطار يبذل هؤلاء الليبراليون الجدد جهوداً كبيرة في سبيل تشديد القيود على الحركة النقابية وقياداتها، في محاولة لتهميش دورها وتقليص فاعليتها، وذلك من أجل توسيع الهوة بينها وبين من تمثلهم، أي العمال، فارضين عليها معادلات وحسابات إن كانت صحيحة نسبياً في زمن مضى، فهي بالمطلق لم تعد تتناسب مع المتغيرات والمستجدات التي طرأت على البلاد، وعلى الاقتصاد الوطني والوضع الاجتماعي في العقد الأخير.

لذلك فالرهان اليوم، وهو رهان كبير، أن تكسر الحركة النقابية هذه القيود، وأن تجد لنفسها مخرجاً من المعادلات السابقة التي أنهكتها وأضعفت دورها، وأن تتمتع بنفَس نضالي جريء لتقول كلمتها المعبرة عن مصالحها، ومصالح الطبقة العاملة حتى لو اقتضى ذلك إحداث طلاق نهائي بينها وبين ليبراليي الحكومة..

لقد أثبتت الأحداث في كل مناطق العالم ودوله، وخاصة في المنطقة العربية في الآونة الأخيرة، أن جشع قوى السوق لا حد له، وأن منطلقها وهدفها الأساسي هو زيادة ومراكمة أرباحها دون أية مراعاة لحقوق العمال ومعيشتهم ومكاسبهم، ودون أي اعتبار للمصلحة الوطنية، كما أثبتت الاحتجاجات والمظاهرات المتزايدة في كل مكان، أن هذه القوى المعولمة ستتمادى وتتمادى إلى الحد الأقصى إن لم ينهض الشعب، وعلى رأسه الطبقة العاملة والقوى الوطنية الثورية، ويقول لها: كفى!.

وإذا كانت كل تلك الأحداث تجري في بلدان ليس لها في غالبيتها استحقاقات وطنية كبرى، فإننا في سورية لدينا هذا الاستحقاق، وهو استحقاق خطير وعظيم، إذ مطلوب من بلدنا أن تقف في وجه العدو الصهيوني الذي يحتل جزءاً من أرضنا، وأن تواجهه وتتصدى لمخططاته ومؤامراته واعتداءاته وأطماعه التوسعية، وأحلامه بالهيمنة.. كما مطلوب منها أيضاً أن تواجه داعمه وحليفه الولايات المتحدة الأمريكية كممثل للامبريالية العالمية، والتي ما فتئت تحيك المؤامرات ضد بلدنا وشعبنا، ولا تفوت فرصة إلا وتسعى لضرب الوحدة الوطنية والتلاحم الشعبي والالتفاف على الشعارات الوطنية الكبرى كالتحرير، والتقدم، والمقاومة، والاستقلال، والاستقرار الاجتماعي.

إن كل ذلك بتشعباته وتعقيداته يفرض على الحركة النقابية السورية أن تدرك حجم التحديات المترابطة عضوياً، وأن تعمل لتوحيد صفوفها وطاقاتها، وأن تقوم بما يلزم لضمان عدم وصول السياسات الليبرالية إلى غاياتها المضمرة والمعلنة، والبدء بخطوات جدية لمواجهة كل المحاولات المشبوهة الساعية إلى تحييدها أو تعطيل دورها الاجتماعي والسياسي، والبحث في هذا الإطار عن السبل والأدوات والوسائل اللازمة لاستعادة حيويتها، والتعاون مع القوى التي يمكن أن تكون حليفاً حقيقياً في معاركها القادمة.

لقد وصلت أحوال الشعب السوري عموماً والطبقة العاملة خصوصاً إلى مستوى عال من التردي والسوء، وهو ما يحدث تراكماً كبيراً في الصدور والنفوس قد ينفجر في أية لحظة، ويأخذ مساراً اعتباطياً إن لم يجد من يوجهه وينظم خطواته ويصوب بوصلته نحو العدو الحقيقي الطبقي والوطني.. والحقيقة أن هذا الدور الوطني الاستراتيجي لن يقوم به بالشكل الصحيح إلا أناس شرفاء متضامنون، ومخلصون للوطن وللطبقة العاملة. وهذا كما هو برسم القوى والتيارات الوطنية، هو أيضاً برسم الحركة النقابية التي يمكن أن تكون في هذه الحالة ضامناً حقيقياً لوحدة الوطن، ووحدة إرادة شعبه المتطلع إلى تحقيق أهدافه الوطنية الكبرى والحفاظ على كرامته وإنسانيته.