تحديد العمل بثماني ساعات مطلب عمالي تاريخي
يعتبر تحديد ساعات العمل بثماني ساعات عمل في معظم دول العالم، نتيجة طبيعية للنضالات العمالية التي خاضتها عبر الإضرابات والمظاهرات من شيكاغو إلى اللحظة، ولم تأت من فراغ، بل نتيجة دراسات وتفاهمات مع العمال اتفق على أساسها العمل ضمن هذه المدة الزمنية
إنه لمن المؤسف أن لا تلتزم معظم شركات القطاع الخاص بذلك، لا بل رغبتها في الحصول على أقصى قدرٍ ممكن من ساعات العمل من العاملين لديها، رغم الدراسات والاستبيانات التي أكدت أن الساعات الزائدة تؤثر بالسلب على جودة المنتج، أو المخرجات الناتجة من العمل، بسبب قلة التركيز، وعدم العمل بالكفاءة ذاتها، حتى وإن كان يعمل ساعات إضافية مقابل مبلغٍ مادي.
تلقت «قاسيون» في الأسبوع الفائت، وقبل العمل بالتوقيت الصيفي مطالبات من العاملين في القطاع الخاص المصرفي والشركات الصغيرة للنظر في وضعهم حول قضية تحديد ساعات العمل، من خلاله تجاربهم السابقة، والعبء الذي يجنيه موظف القطاع الخاص من طول ساعات العمل وقلة الإجازة الأسبوعية أصلاً. وتأتي هذه الخطوة الاستباقية من العمال في الوقت الذي يتوقع فيه أن ترفع فيه المصارف الخاصة نهاية الأسبوع الجاري ساعة إضافية ليمتد دوامهم للخامسة مساءً رغم صعوبة الأوضاع الأمنية في ظل الأزمة.
إن الرجوع لقوانين العمل المتعلقة في هذا المجال، تؤكد نقاطاً ثلاثاً في حال الرغبة الحقيقية في توطين القطاع الخاص، وذلك بضرورة أن لا يتجاوز عدد أيام العمل في الأسبوع خمسة أيام عمل، وأن يكون الحضور لمقر العمل مرة واحدة فقط في اليوم، ولا يتجاوز عدد ساعات العمل اليومية ثماني ساعات!!.
إن اقتصادات الدول المتقدمة والمنتجة تعمل بأقل ساعات عمل، وتحرص على الجودة وتحسين الإنتاجية وهذا ما نفتقده في قطاعاتنا المنتجة، ويبدو أن المشكلة هنا في تدني الأجور وليس فقط بساعات العمل، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل تعلم وزارة العمل أن فرض تقليص ساعات العمل ومنح إجازة يومين للقطاع الخاص سيؤدي بالشركات إلى خفض رواتب عامليها بسبب حجتها في قلة ساعات العمل عن المعتاد، أو مساومتهم على العمل ٤٨ ساعة في الأسبوع مع منحهم رواتبهم الحالية باعتماد الزائد خارج دوام؟!.
إن القطاع الخاص يجب أن لا يكون عبئاً على الوطن والمواطن البسيط، بل مشاركاً معه في تحقيق التنمية المنشودة، من هنا فإن الأفضل للاقتصاد جعل الإجازة يومي الجمعة والسبت، مع تحديد عمال يداومون السبت لتأمين حاجة المواطنين بيوم العطلة لكي لا تعطل الأعمال التجارية والاقتصادية للمواطنين، ومن غير المنطقي أن يكون الدوام في القطاع الحكومي أقصر بكثير من القطاع الخاص رغم أنه يدفع رواتب أعلى من القطاع الخاص، ففي أغلب الدول الأوروبية ساعات الدوام نحو 35 ساعة وفي أمريكا 40 ساعة، فلماذا يستمر الدوام في سورية أكثر من كل الدول علماً أن بعض المنشآت تداوم 12 ساعة!!.
إن ساعات العمل في القطاع الخاص تعتبر طويلة ومنهكة ولا تؤدي الأهداف المطلوبة، لأن إنهاك الموظف بهذا العدد الكبير من الساعات يقلص من قدرته على تحقيق الأهداف اليومية والشهرية، وهو ما ينعكس على الأداء العام للشركة أو المؤسسة، خصوصاً إذا ما كان الموظف من ذوي الأجور المنخفضة، لذلك عند تنظيم العمل وتقسيمه وفق دراسة صحيحة لجميع الموظفين، لن يبقى أي عمل متأخر إلى اليوم الثاني، وفي الوقت نفسه يظهر الموظف المتميز بوضوح والنتيجة النهائية طبعا تكون المكسب الأول والأخير للدائرة المعنية أو الشركة، فهل يتحقق مطلبهم هذا؟!.