على طريق الإصلاح.. حكومة تسير الأعمال تصرف عمال بشكل تعسفي
لعب الفاسدون في سورية ومازالوا يلعبون دوراً مهماً في تشويه الحقائق، وقلبها وتسويق المشوه منها، من أجل السيطرة على كل مداخل ومخارج الوزارات، ودوائرها وتشكيل ثقافة جديدة تليق بها وبنهبها من أجل تمرير عملياتهم الفاسدة بعد التأكيد على فصل كل من يقف في طريق صفقاتهم من العمال الفقراء الغيورين على مصلحة الوطن والمواطن.
الحكومة الإصلاحية التي جاءت بعد وقوع الأزمة العميقة التي تعيشها البلاد والتي كانت من المفترض أن تكون إنقاذية في جميع قراراتها، ما لبثت أن تعرت وفضحت تماماً عند كل محك حقيقي تمر به البلاد.
إن الفاسد الكبير وحتى الصغير منه الذي نتحدث عنه اليوم ليس له علاقة في المجال المالي والاقتصادي كما هي العادة، وإنما يتعلق هذه المرة بالجانب الحقوقي للطبقة العاملة الشريحة الأوسع في المجتمع السوري من خلال المراسيم، والقوانين الكثيرة التي صدرت، ولم تنفذ إلا ضدها، حيث بينت التجربة إن الهدف منها كان التضييق على الطبقة العاملة والحد من إمكانية دفاعها عن حقوقها، فلم يعد مفهوماً الإصرار الحكومي على منع حق الإضراب السلمي هذا المنع الذي يتناقض مع مواد الدستور الجديد الذي نص على حرية المواطن في التعبير عن رأيه والدفاع عنه، حتى لو تعرض العامل لحرمانه من أهم حقوقه التي كفلها له الدستور السوري، وهو التسريح التعسفي، الذي يتعرض له العامل لأسباب لا يحق له السؤال عنها كما تنص على ذلك المادة 137 من القانون الأساسي للعاملين في الدولة التي أصبحت سيفاً مسلطاً على رقاب الطبقة العاملة السورية والتي تنص: «إنه يجوز بقرار من رئيس مجلس الوزراء وبناءً على اقتراح لجنة مؤلفة من وزير العدل ووزير الشؤون الاجتماعية والعمل ورئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية صرف العمال من الخدمة، ومن ثم تصفى حقوق العامل المصروف من الخدمة وفقاً للقوانين النافذة».
لكن هل قرارات هذه اللجنة التي تصدر عنها القرارات، أم تأتيها التعليمات من جهات أخرى لم تعرف بعد من هي؟ لأن الأخطر في هذا القرار التعسفي أنه وبموجب الفقرة /1/ من هذه المادة لا يسمح باستخدام العامل المصروف من الخدمة مهما كانت صفة هذه الخدمة، إلا بقرار من رئيس مجلس الوزراء نفسه أي من رفع عليه حكم الإعدام أصلاً.
نعم لقد جرى على أساس هذه المادة تسريح المئات من العمال من مختلف الشهادات العلمية وأصحاب خبرة لسنوات دون سبب واضح يجيز التسريح، إلا إصرار الجهات المعنية وما أكثرها الذين وقعوا على قرار الفصل حسب مزاجهم ومزاج مسؤوليهم.
والسؤال المطروح هو: أليس من حق العامل أن يعرف السبب الذي أدى لتسريحه من خلال لجنة تحقيق محايدة قد تملك لا بل لديها كل الأدلة ببراءة معظم من تم تسريحهم حتى الآن؟؟!.
بدءاً بموظفي مؤسسة الطيران السورية ومروراً بعمال وسائقي وزارة شؤون رئاسة الجمهورية وصولاً لمهندسي محافظة دمشق، وأخيراً وليس آخراً بالقرار الذي صدر في 28/5/2012 تحت الرقم /7399/ أي قبل أسبوع من صدور هذا العدد واعتماداً على المادة السيئة الذكر نفسها، وذلك بصرف /18/ عاملاً من مختلف الوزارات دون بيان الأسباب (ستة منهم من وزارة الإدارة المحلية، ثلاثة من وزارة الكهرباء، اثنان من وزارة التربية، وأيضاً اثنان من وزارة الصحة، ومثلهم من وزارة الإعلام، وواحد فقط من كل من وزارة النفط والاقتصاد والاتصالات).
الغريب في الأمر أن من بين هؤلاء من كسب حقاً قضائياً بإعادته إلى العمل، ورئاسة مجلس الوزراء على علم بذلك ورغم ذلك ضمتهم لقرار الفصل.
إن الأسئلة التي لابد من طرحها في ختام هذه المشكلة هي:
كيف لحكومة تسيير الأعمال بإصدار هذا القرار المجحف قبل رحيلها بساعات أو أيام؟ ومن هي الجهة التي تبدو أنها أقوى من السلطة القضائية؟ وهل توقف قطار الفساد بهذه الوزارات بفصل هؤلاء في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطن السوري.