العمال أولى بأموالهم واستثماراتهم
رغم الاستغاثات والمطالبات المتكررة للاتحاد العام لنقابات العمال للجهات المعنية لتسديد الديون المترتبة عليها لمصلحة بعض النقابات والعمال، إلا أن هذه الجهات لم تستجب لهذه النداءات على الرغم من أهميتها كونها تخدم شرائح العمال، وبالتالي خسارة الاتحاد للموارد التي كان يحصلها من ريع تلك الاستثمارات، والتي كانت تنفق في عدة مجالات ساهمت على مدى سنوات طويلة في دعم الطبقة العاملة، من خلال مساعدات اجتماعية وصحية وغير ذلك..
اللافت في الأمر تأثر أغلب مشاريع الاتحاد في المحافظات، وترافق ذلك بإبداء بعض مستثمري تلك المشاريع رغبتهم في إنهاء عقودهم، أو عدم تجديدها، في حين استمر البعض منهم بالالتزام بعقودهم، وعلى ذلك قام الاتحاد العام بتخفيض بدلات الاستثمار في حالات التوقف الجزئي، وأيضاً في حالات التوقف الكلي عن العمل لتلك المشاريع، فيما بقي العمل مستمراً في المشاريع الواقعة بالمحافظات الآمنة مع استمرار المستثمرين بتنفيذ عقودهم مع الاتحاد. كل ذلك انعكس على صناديق النقابات، وبعض صناديق الاتحادات في المحافظات، جراء انعدام مواردها من المشاريع الاستثمارية، إلى جانب عامل آخر ساهم في وقوع بعض تلك الصناديق بعجوزات مالية كبيرة، وهو التراخي وعدم متابعة تحصيل اشتراكات العمال التي تقتطع من رواتبهم بشكل شهري بواقع 1% من الأجر المقطوع لمصلحة الصندوق المشترك.
الملايين المستحقة
وقد أكدت مصادر في الاتحاد أن حجم الديون المستحقة على الجهات العامة بلغ حوالي خمسين مليون ليرة لمصلحة النقابات، الأمر الذي يتطلب المتابعة، وإنهاء حالة اللامبالاة التي كان الجميع يعمل بها، وحث الجهات العامة على إنهاء حالة التراخي، والتساهل في توريد مستحقات النقابات وحقوقها المالية.
وأشار المصدر أن أمانة الشؤون المالية بالاتحاد، وفي أكثر من اجتماع، سواء للمكتب التنفيذي أو المجلس العام للاتحاد أكد أن حجم التحصيل لواردات الصندوق المشترك منذ بداية العام الحالي، ولغاية الثلث الأول من نيسان الماضي بدا متواضعاً جداً ودون الطموح، بالقياس إلى حجم ما هو مطلوب من الجهات العامة، بحيث لم يتعد مجموع المبلغ المحصل ثلاثة ملايين وتسعمائة وتسعة آلاف ليرة، حيث كانت المتابعة تتم إما عن طريق الاتصال المباشر أو عن طريق أعضاء مجالس الإدارات في تلك الشركات، علماً أن تلك الواردات تحصل بنسبة 1% من كتلة الرواتب والأجور من كل المؤسسات والشركات العامة.
المطالبة بالديون
إن كل ما تم بحثه لعب دوراً في تراجع عائدات الاتحاد العام لنقابات العمال من تلك الاستثمارات، والتي كانت تشكل نسبة جيدة من موارده المالية التي تعود بالنهاية إلى العمال أنفسهم على شكل خدمات اجتماعية وصحية مختلفة يستفيد منها العمال وأسرهم وقد أكد أحد أعضاء المكتب التنفيذي أن الاتحاد العام في المحافظات كافة لا يتلقى أي مبلغ من الحكومة كتمويل أو دعم مادي، وإنما يعتمد في ذلك على عائدات استثماراته ومشاريعه، إضافة إلى اشتراكات العمال.
وبالنظر إلى حجم المديونية على الجهات العامة تجاه الاتحاد العام ومشاريعه الصحية، فإن العمل مستمر من خلال مخاطبة تلك الجهات لتسديد التزاماتها المالية المتأخرة حرصاً على استمرار العمل النقابي والصحي في تلك المشاريع والنقابات، وبما يؤمن استمرار الفائدة المرجوة للعمال وأفراد أسرهم.
ورغم كل هذه الظروف الضاغطة، والتي عطلت جزءاً من العمل النقابي والخدمات التي كانت تقدم للعمال في مختلف المحافظات، وفي جميع مواقع العمل، إلا أن هذا لم يقف في وجه الجهود والمحاولات النقابية التي واصلت عملها لتأمين الخدمات ولو بالحد الأدنى وخاصة الملحة منها كالخدمات الصحية.
وفي ضوء ما سبق وتعزيزاً لاستمرار عمل الاتحاد العام ونقاباته، تبرز الحاجة الماسة اليوم إلى مزيد من التعاون والشعور بالمسؤولية من الكثير من إدارات الجهات العامة من مؤسسات وشركات، وخاصة لجهة توريد مستحقات النقابات إلى صناديقها لإعادة توازنها المالي، بما يمكنها من الاستمرار في تقديم الخدمات للعمال في مختلف قطاعات العمل، وبما يضمن المحافظة على المكتسبات العمالية، والتمثيل الأفضل للطبقة العاملة وصون حقوقها.