المؤتمرات النقابية على الأبواب.. لا مساومة على الحقوق التي هدرت
مع صدور هذا العدد من «قاسيون» يبدأ اتحاد نقابات العمال في سورية عقد مؤتمراته السنوية العادية، بعد عام مليء بالأحداث، وأهمها الأزمة المستعصية التي يعيشها الوطن منذ أكثر من عشرة أشهر وحتى الآن، وهذا ما فاجأ معظم الاتحادات، حيث تجلى تفاجؤهم بالسرعة التي حضرت فيها المؤتمرات في جو مأزوم من كل النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. من هنا فإن هناك العديد من الاستحقاقات أمام الحركة النقابية ينبغي متابعتها وإنجازها، والعمال الذين عانوا الأمرّين وما يزالون هم بانتظار هذه المؤتمرات باعتبارها محطات أساسية في حياة الطبقة العاملة وحركتها النقابية يجب تفعيل أدائها لتصب في مصلحتهم..
وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، فإن المؤتمرات فرصة هامة لمراجعة خطة عمل النقابات لعام كامل في المجالات كافة، خاصة وأن العمال هم الفئة الأكثر تضرراً من الأوضاع التي تسود البلاد، وعلى النقابات وقياداتها وضع النقاط على الأحرف وتوضيح المجالات التي أصابت فيها، وأين أخفقت، كما أنها مدعوة لإعادة قراءة برامجها وخططها، لاسيما وأن هناك العديد من القضايا التي طالبت بها المؤتمرات النقابية في الدورة الماضية، سواءً كتلك التي رفعتها بمذكرات نقابية إلى الجهات المعنية في الحكومة، أو التي قدمت إلى مؤتمرات اتحادات المحافظات، والتي بدورها رفعتها إلى مجالس الاتحاد العام التي تعقد كل ثلاثة أشهر بشكل دوري، هذه المطالب لم تجد طريقها إلى الحل حتى الآن، لا بل ما تزال حبيسة الأدراج، رغم حدية المطالب والنقاشات التي تدار في مجالس الاتحاد والهجوم العنيف على سياسات الحكومة التي تعاملت وما تزال تتعامل مع تلك المطالب بإذن من الطين تارةً، ومن العجين تارة أخرى، فكانت النتيجة أن العديد من هذه القضايا والمطالب ازدادت تفاقماً نتيجة لسياسات الحكومة، وتفاقمت أكثر على وقع الأزمة التي تعيشها البلاد، فهل من المنطق أن قضية مثل تثبيت العمال المؤقتين في العديد من المؤسسات والشركات العامة الاقتصادية والإنتاجية والخدمية تبقى دون حل، على الرغم من الوعود المستمرة التي تلقتها الحركة النقابية من الجهات المعنية بتحقيق هذا المطلب الهام؟؟!.
كما أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل فجرت قنبلة من العيار الثقيل حين كذبت الأرقام التي كانت تعطى بعدد جيش العاطلين حين أكدت أن النسبة وصلت إلى 30%، ما يعني وجود استحقاق هام وخطير أمام الحكومة الحالية وحكومة الوحدة الوطنية المنشودة في المستقبل القريب، فهذه النسبة خطيرة، وعلى المؤتمرات النقابية الوقوف عندها وطرحها بجرأة دون مساومات، لأن الوطن أهم من الذين يستثمرون الأزمة لمصلحتهم الخاصة، ولأن أكبر عدد من هؤلاء العاطلين عن العمل هم من فئة الشباب، أي أن هناك مخاطر محدقة بانتظار هذا الجيل من الناحية الاجتماعية على أقل تقدير، لكن النقابات لم تسمع كما في كل القضايا سوى الوعود في النهار، تمحى في الليل..؟! .
إن ما يجب إثارته أيضاً في هذه المرحلة هو أن على الحركة النقابية وضع حد لقضية إصلاح القطاع العام الصناعي، بعد أن تلاشت جميع الوعود بإصلاحه، هذا القطاع الذي كان حتى الأمس القريب يشكل ركناً أساسيا من أركان القطاع العام، لا بل أحد أركان الصمود الوطني، والضمان الحقيقي للطبقة العاملة السورية، حيث كان الأهم في مؤتمر الإبداع والاعتماد على الذات، والصمود في وجه العقوبات الاقتصادية، والتحديات المتتالية، فكل المبادرات التي أطلقت لإيجاد حل لهذا القطاع ظلت حبراً على ورق، والأموال التي صرفت راح ثلثها لجيوب الفاسدين الكبار ليكون مصير تلك الشركات الانهيار.
أما قضية قانون العمل رقم /17/ فهذا له حديث خاص، بعد أن مررت فيه مواد خانت الطبقة العاملة وعلى وجه الخصوص العاملين في القطاع الخاص، الذين كانوا لسنوات ينتظرون المظلة القانونية الآمنة لهم ولأكثر من أربعة ملايين عامل منتشرين في شركات وورش وأعمال خاصة صناعية وخدمية، لكن هيهات فلم تأت الريح كما تشتهي السفن، حيث بقيت الحقوق بأيدي أرباب العمل يتم تسريحهم بشكل تعسفي ورغم مطالبات النقابات ومجالس الاتحاد العام لنقابات العمال بتعديل بعض فقراته أو التي تتعلق بتأمين فرص العمل لم ينفذ شيء مما لعبت دوراً كبيراً في الأزمة الحالية.
إن على النقابيين أن يكونوا على قدر المسؤولية الوطنية والنقابية، وأن يجعلوا من مؤتمراتهم منابر لطرح مشاكلهم وقضاياهم، وعدم المساومة من الآن فصاعداً في أي مطلب من مطالبهم المشروعة، وفي ذلك الضمانة الحقيقية لكرامة الوطن والمواطن التي هي فوق أي اعتبار.