مؤسسة الإسكان العسكرية – مؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية – فرحة لم تكتمل

مؤسسة الإسكان العسكرية – مؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية – فرحة لم تكتمل

تعتبر سورية من أوائل الدول العربية التي لحظت ضمن سياساتها الحكومية موضوع الإسكان، حيث سمح المرسوم التشريعي رقم /94/ لعام 1953 لبلديات المدن الكبرى بإنشاء مساكن شعبية لإسكان شرائح محددة ( موظفون – مستخدمون – عمال ) و بيع هذه المساكن نقداً أو تقسيطاً لمدة (7) سنوات دون فوائد .

أحدثت المؤسسة العامة للإسكان  بموجب قرار رئاسة الجمهورية رقم 683 لعام 1961،  واعتباراً من عام 1975 أخضعت للقانون الخاص بالمؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادي.

و نظراً للاهتمام الكبير الذي حظي به قطاع الإسكان في سورية بعد عام 2000 ، ومبادرة المؤسسة العامة للإسكان لدراسة و تحليل واقع عملها خلال السنوات التي سبقت عام 2000 وكذلك واقع الأداء في قطاع الإسكان بشكل عام ،  وما خلص إليه هذا التحليل من أن تركيز المؤسسة من خلال نشاطها السابق على كونها مؤسسة ذات طابع اقتصادي بحت ، تهدف بالدرجة الأولى لتحقيق الربح، وتخليها عن دورها الاجتماعي، من منطلق تعارض هذا الدور مع الطابع الاقتصادي لنشاطها، كان أحد الأسباب الرئيسية لتراجع أدائها ، وضعف مساهمتها في سوق الإسكان، وابتعادها عن أهدافها الأساسية .

استنفار غير مسبوق

صدر بتاريخ 13/8/2012 القرار رقم 11319 عن رئيس مجلس الوزراء، والذي قضى في المادة الأولى منه بتجديد جهة ارتباط كل من مؤسسة الإسكان العسكرية، ومؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية بوزير الأشغال العامة بدلاً من وزارة الدفاع على أن تبقى المؤسستان مرتبطتين بوزارة الدفاع، ومسؤولتين أمامها فيما يتعلق بالأغراض العسكرية فقط.

وما إن صدر القرار المذكور حتى قامت قائمة المسؤولين في مؤسسة الإسكان العسكرية، وبدؤوا بعقد الاجتماعات باستنفار لم يسبق له مثيل لأي سبب آخر، وذلك بهدف إيجاد طريقة للتخلص من تطبيق القرار المذكور من جهة، ومن جهة أخرى ما إن صدر القرار حتى تنفس عمال المؤسستين الصعداء، وقد أثلج هذا القرار صدورهم، وبدأت التهاني والتبريكات من وإلى العمال وأسرهم. حالمين بأن الظلم الذي أحاق بهم لا بد أن يزول بعد طول عناء.

ولكن وطالما خَبِرَ العمال قيادتهم فقد شككوا بتنفيذ القرار المذكور لأن من طبيعة إدارة المؤسسة أن تلتف على أي قرار يحرمها من ميزة الاستفراد بالقرارات السيادية، ويضعف قدرتها على ممارسة الفساد والبيروقراطية والتعسف.

بيروقراطيتنا المعهودة

وفعلاً حصل ما خشيه العمال، فقد أُرسل الكتاب رقم 2556/ص تاريخ 4/9/2012 من المدير العام لمؤسسة الإسكان العسكرية إلى وزير الدفاع، يشرح فيه ضرورة إبقاء المؤسسة على ارتباطها مع وزارة الدفاع بكليتها، وليس فقط ما يتعلق بالأغراض العسكرية كما هو وارد في قرار رئيس مجلس الوزراء.

والحجج المدرجة في الكتاب :

جاء في الوثيقة رقم (3)

1- إن المؤسسة قد تم إحداثها بمرسوم ويحدد مرسوم الإحداث اسمها وجهة ارتباطها. على أن يتم دمج المؤسسة أو تغيير جهة ارتباطها بصك مماثل أي بمرسوم.

وهنا نسأل هل نحن أمام حالة جمود فكري وأيديولوجي تدفعنا للإبقاء على بيروقراطيتنا المعهودة، وعدم القدرة على أي اجتهاد بدفع مصلحة البلد إلى الأمام عبر دفع مصلحة مؤسساتنا الوطنية لتأخذ دورها في بناء وتقدم هذا البلد. وهل أن القوانين والمراسيم والقرارات ثابتة أم أنها تتغير حسب حاجة المجتمع والوطن لهذا التغير؟!.

2- جاء في خاتمة مذكرة كتاب المدير العام :

حيث أن الظروف الحالية التي يمر بها الوطن تبرر الحاجة الماسة لإبقاء ارتباط مؤسسة الإسكان العسكرية وتبعيتها لوزارة الدفاع بما يؤمن ذلك من مرونة في عملها لأداء مهامها.

هدر المال العام

وهنا لا بد لنا من توصيف مؤسسة الإسكان العسكرية في المرحلة الراهنة لفهم الأمر بشكل صحيح.

_ إن معظم مشاريع ومعامل المؤسسة متوقفة أو هي في حدها الإنتاجي الأدنى ولدى مستودعات المؤسسة الحد الأدنى من مواد البناء لاستمرار العمل وهناك نقص كبير في الآليات الثقيلة والهندسية ( هناك فائض من آليات الترفيه الصغيرة )

وعن أي مرونة وعن أي عمل نتحدث وهل هناك من مهام تريد إدارة المؤسسة تسويقها غير ما ذكر في مرسوم تأسيسها؟!.

وهنا سؤال يطرح نفسه ؟ إن كانت مؤسسة الإسكان خاسرة ومنذ زمن طويل ولأسباب معروفة للقاصي والداني وهي ( السرقة والفساد والبيروقراطية ). فهل أتت الفرصة المناسبة لإدارة المؤسسة لكي تحمل مسؤولية الخسارة إلى ظروف البلد بدل ان يتحملوا هم تلك الخسارة ؟!.

وبذا يفترض محاسبتهم على التقصير  كحد أدنى لعدم قدرتهم على قيادة مؤسسة وطنية فعّالة لها تاريخ مجيد بالعمل الوطني والإنمائي كمؤسسة الإسكان. وكحد أعلى لارتكابات الفساد وهدر المال العام.

ونؤكد أن المؤسسة قد خرجت عن مهام إحداثها الواردة بالقوانين والأنظمة النافذة وذلك بعد التزامها بحصرية دراسة وتنفيذ المشاريع والأبنية والمنشآت الخاصة بالجيش والقوات المسلحة. وبالمشاريع التي تحمل صفة السرية التامة. وكذلك بضرورة الإنجاز السريع للمشاريع.

حيث أن المؤسسة تعمل ومنذ زمن بعيد في كل القطاعات : زراعية – صناعية – طرق – جسور – ري – أبنية – سدود وغيرها من الأعمال وإلى أي جهة انتمت.

والمرتبطة بوزارة الدفاع وبسرية مشاريعها والواقع يبين ذلك.

المرحلة الاستثنائية

وإذا كان المطلوب أن تحمل المشاريع صفة السرية التامة والإنجاز السريع، فأعتقد أن كل من له ارتباط بالمؤسسة يدرك بأن صفة التأخير في زمن تنفيذ المشاريع هي سمة المؤسسة في الواقع الراهن، أما بخصوص السرية إن تطلب الأمر هذه السرية، فمَنْ من المؤسسات والدوائرالرسمية لا توجد لديها سرية في بعض مواضع العمل. فكل المؤسسات للوطن ولها سريتها في بعض المواقع.

وهنا أعتقد أن السرية المقصودة هي سرية سرقة وهدر أموال المؤسسة والعمل على إخراجها من دائرة المهام الوطنية التي يجب ان تناط بها في المرحلة القادمة وبالتعاون مع الجهات البيروقراطية التي تسهل عملها.

لذلك فمن غير المفهوم ما صدر في اقتراح المدير العام للإدارة العامةلوزارة الدفاع بمذكرته رقم 219 بتاريخ 10/9/2012 الموجهة إلى رئيس الجمهورية بإعادة النظر بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1319 تاريخ 13/8/2012، باستثناء مؤسسة الإسكان العسكرية ومؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية من قرار ارتباط المؤسستين بوزارة الأشغال العامة بدلاً من وزارة الدفاع ليتواءم ذلك كما هو معروض بالمذكرة مع القوانين النافذة والإبقاء على ارتباط هاتين المؤسستين بوزير الدفاع حصراً نظراً لطبيعة الأعمال التي تقومان بها وخاصة في هذه المرحلة الإستثنائية.

وهنا لا بد أن نقف نحن أبناء وعمال مؤسسة الإسكان العسكرية لنسأل أنفسنا : ما هي طبيعة الأعمال التي نقوم بها وخاصةً في هذه المرحلة الإستثنائية ؟!.

مؤسسة بلا نقابات

طبعاً سيكون جوابنا حتماً لأن ( أهل مكة أدرى بشعابها ). إننا نعيش حالة تبلّد وكسل دائمين بانتظار أن نحمّل المرحلة الإستثنائية التي يمر بها بلدنا جميع أمراضنا بدل ان نكون فاعلين في حالة عمل دائم بفكرٍ خلّاق ورؤيةٍ واعيةٍ مسؤولة تطور ساحات العمل وتخلق ساحات جديدة لنردم بذلك الهوة التي يصنعها ذاك الخراب الكبير الذي تمارسه قوى الفساد والتآمر ضد بلدنا.

ولا بد هنا من السؤال المستغرب التالي :

لماذا كل هذا الحماس من مسؤولي مؤسسة الإسكان العسكرية للإبقاء على تبعيّتها إلى وزارة الدفاع بدلاً من وزارة الأشغال العامة ؟

هل من أحد لديه جواب لهذا السؤال غير ما هو مضمر في النفوس ؟

ألم يكن من الأجدى بإدارة المؤسسة الطلب بإلغاء المرسوم القاضي بإحداث المؤسسة والخضوع لقرارات رئاسة مجلس الوزراء ذات الشأن ؟

وختاماً، ولأن سورية لكل أبنائها فإننا نتمنى من المعنيين إعادة النظر التي طالب بها المدير العام للإدارة العامة لوزارة الدفاع وإدراج مؤسسة الإسكان العسكرية ومؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية بوزارة الأشغال العامة التي يُفترض أن تتحمل مسؤولية البناء والتعمير للبنية التحتية التي دمرتها جوقة التآمر على سورية وخاصة بعد أن أدرجت مع المؤسسات المعاقبة دولياً نتيجةً لدورها الوطني ورأفةً بالعاملين بهاتين المؤسستين الذين يحلمون بمؤسسة لا تطبق عليها المادة الثامنة من الدستور القديم من مسائل أمنية وتوجيهات سياسية وغيرها.

وأن يكون تمثيل العمال عبر مؤسسة نقابية منتخبة أسوةً بباقي المؤسسات والشركات الوطنية تمثل جميع العمال وتدافع عن حقوقهم وتزيل الحيف عنهم وأن تكون قرارات الشركات العامة عامة ككل الشركات التي تعمل تحت سقف الوطن.

وتهرباً من العقوبات الظالمة على مؤسستنا من الدول الإمبريالية والغرب الرأسمالي وشركائهم الصهاينة.