بصراحة:انعكاسات الأزمة على العمال

بصراحة:انعكاسات الأزمة على العمال

كثيراً ما يطرح سؤال على درجة كبيرة من الأهمية من وجهة النظر السياسية، والشعبية عن المقدمات الرئيسية التي أدت إلى إشعال الأزمة الوطنية، وتطورها إلى درجة باتت تهدد الوطن برمته أرضاً، وشعباً، ولم تعد مقتصرة في أضرارها على الجانب الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي بشكل منفرد

بل أضرارها طالت كل شيء الحجر والبشر معا والإجابة عن ذاك السؤال المطروح من كل أطراف الأزمة عموماً يختلف كلا بحسب موقعه الطبقي، والسياسي الذي ينطلق منه في تحديد رؤيته للعناصر التي أشعلت الأزمة، حيث تراكمت منذ عقود لتنفجر وبهذا تكون قد أظهرت عمق التناقضات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وأظهرت أيضاً حاجة المجتمع السوري للتغيير بغض النظر عن المآلات التي وصل إليها الحراك الشعبي الذي انطلق سلمياً ليمتطى بعدها، ويأخذ مساراً آخر بفعل القوى المتشددة من كلا الطرفين اللذين سعيا باتجاه إدامة الاشتباك واستمرار نزيف الدم السوري، وعدم تطوره نحو أهدافه التي انطلق بسببها الحراك السلمي، وعدم إيجاد مخرج آمن من الأزمة يؤدي إلى تغيير حقيقي، والشعب السوري بأغلبيته له مصلحة حقيقية في ذلك.

كان وقع الأزمة ، وأضرارها المادية، والنفسية كبيرين على الطبقة العاملة السورية، وهذا تثبته التقارير الحكومية، والنقابية عن واقع المعامل والمنشآت الصناعية، والخدمية التي تضرر جزء كبير منها بسبب العمليات العسكرية الدائرة في المناطق المختلفة من سورية والتي لم يصبها الضرر لم تتمكن من الاستمرار في الإنتاج وهذا الواقع ينطبق على القطاع العام والخاص، والفارق الكبير بين القطاعين أن عمال القطاع العام لا يتم تسريحهم بسبب إغلاق بعض المعامل بينما عمال القطاع الخاص تم تسريح أعداد مهمة منهم على خلفية الأزمة لأن أرباب العمل لم يتحملوا دفع أجور العمال الذين امضوا سنوات وسنوات في العمل حيث حقق أرباب العمل الملايين من الليرات السورية كأرباح في مرحلة السلم وفي الأزمات يلقى بالعمال إلى الشارع ليجدوا مصيراً بائساً ينتظرهم بحثاً عن عمل يقيهم التسول أو التوجه نحو جهات أخرى تتلقفهم، وتدفع لهم ما يحتاجونه لسد رمق أطفالهم الجائعين، ويكون الثمن غالياً جداً على النفس وعلى الوطن.

ماذا يعني توقف المعامل والمنشآت الخدمية، والسياحية عن العمل؟

خسارة الدولة لموارد أساسية تمكنها من سد الاحتياجات الضرورية المختلفة في ظروف الأزمة الحالية، ومنها القدرة على زيادة أجور العمال بما يتوافق مع مواد الدستور الجديد وبما يتوافق مع الارتفاع المستمر للأسعار بسبب ضعف الإنتاج،و زيادة الطلب على المواد في ظل عدم توفرها في المناطق المختلفة.

خسارة العمال لمواقع عملهم، وبالتالي خسارتهم للتعويضات المرتبطة بالإنتاج كالحوافز الإنتاجية والتعويضات الأخرى كالطبابة، واللباس وغيره.

تعرض العمال للمخاطر الأمنية أثناء تنقلهم إلى معاملهم، وأثناء عملهم كما يحدث لعمال تاميكو، وكل العاملين على هذا الخط المتوتر أمنياً.

تعرض العمال للمحاسبة والاقتطاع من أجورهم في حال لم يستطيعوا الوصول إلى أماكن عملهم مما يسبب لهم ضرراً مادياً إلى جانب الأضرار الأخرى.

تسريح أعداد إضافية من عمال القطاع الخاص دون وجه حق ويتم حرمانهم من التعويض عن سنوات الخدمة التي قضوها في العمل.

تحول قسم كبير من العمال القاطنين في مناطق التوتر إلى مهجرين، ونازحين ومشردين في وطنهم، وقسم منهم بات في العراء دون مأوى مع عائلته.

إن واقع العمال المأسوي هذا لم يحرك عند من هو مسؤول عنهم أي ساكن بل بقي الجميع يتفرج، ويندب حظ العمال و ما حدث لهم من مآس وويلات نتيجة التشرد والتهجير القسري الذي تعرض له فقراء الشعب السوري، حيث دفعوا و يدفعون الضريبة ذات التكاليف العالية نتيجة للأزمة الطاحنة التي لاذنب لهم في تسعيرها، أو إيقادها.

نحن الفقراء والمهمشين، والمنكوبين لنرفع صوتنا عالياً ضد هذه الحرب المجنونة، ومن يريد إدامتها حماية لوطننا ولمصالحنا الحقيقية التي صادرها الفاسدون، والناهبون الكبار.