بصراحة : النقابات في عامها 76
سبعون عاماً ونيف من عمر الحركة النقابية، وما قبلها كان مخاضات النمو والتجذر في عمق الأرض حتى أصبحت تلك الجذور صعباً اقتلاعها بالرغم من العبث الكثير الذي امتد إلى مفاصلها الأساسية لتصبح مطية تستعمل خارج السياق الذي ناضل من أجله الآلاف من العمال الذين تحولوا بفعل تجربة الصراع السياسي والمطلبي مع من يريدهم أن يبقوا مطيه، إلى كوادر عمالية مناضلة تصلب عودهم وهم في غمرة المواجهة مع المستعمر وتصلب عودهم وهم في ساحة الصراع مع من يريد أن يستنزف عرقهم وجهدهم
مرت الحركة النقابية، وقبلها الحركة العمالية بمراحل عدة في تكوين تجربتها النضالية، وفي رسم خطها البياني الذي كان يصعد ويهبط تبعاً لتطورات الصراع السياسي والاقتصادي الداخلي أي تبعاً لموازين القوى المتشكلة في كل مرحلة من المراحل حيث يتطلب إزاء ذلك تحديد موقف يتناسب مع شكل الهجوم وشكل الدفاع المفترض اتخاذه، وكان الخط الناظم لمسار الحركة النقابية حتى مرحلة الوحدة السورية هو جملة الإضرابات التي عمت البلاد من أقصاها إلى أقصاها، وتنوع أشكاله وحجم المشاركة العمالية في جميع الإضرابات تثبيتاً لحقوق الطبقة العاملة السورية، حيث لم تكن حقوقها الأساسية قد ثبتت بعد قانونياً «يوم العمل من ثماني ساعات، زيادة الأجور الإجازات بمختلف أنواعها، الصحة العامة والأمن الصناعي، التأمينات الاجتماعية، وغيرها من القضايا» أي أن المعركة مع البرجوازية الوطنية الصاعدة كانت معركة كسر عظم، ولهذا كان العمل الإضرابي هو الأساس في الحراك العمالي المتصاعد في مواجهة القوى البرجوازية المكتسبة لخبرة القمع والاستغلال من الرأسمالية، والوارثة لمجمل القوانين والتشريعات التي كبل بها المستعمر الطبقة العاملة والحركة النقابية، ولهذا كان الثمن الذي دفعه العمال والكوادر النقابية باهظاً.
لقد ناضل العمال من أجل العدالة الاجتماعية، ومن أجل حقوقهم الاقتصادية، ومن أجل حقهم في تنظيم أنفسهم من دون وصاية عليهم من أحد، ولكن لم تجر الرياح كما اشتهت سفن الحركة النقابية، فما ناضلوا من أجله، قد خطف منهم وهذه المرة بشعارات دغدغوا بها أحلام العمال، شعارات تعبر عن مصالحهم شكلاً، وبقي الإستغلال سيد الموقف، وانتهكت الكثير من الحقوق التنظيمية والحريات النقابية، وحق الإضراب، وحق التعبير، وحق الإختيار في التمثيل النقابي، لتصل الحركة إلى حد إقتسامها.