من الأرشيف العمالي : ما هو المطلوب وطنياً؟
يشن الليبراليون الجدد هجوماً على العمال يحمل أخطاراً اقتصادية وسياسية، تدعمهم قوى داخلية وخارجية بينما الطبقة العاملة مكبلة بقيود تنظيمية وبيروقراطية مكبلة بعقلية موظفين، وليس بعقلية مناضلين، وهناك من يحاول تحميل العمال مسؤولية الإخفاقات الكبيرة لتبرئة اللصوص، وفي هذا المجال تطرح اقتراحات مشبوهة
فقد طرح أحدهم وهو عضو مجلس شعب سؤالاً« هل نحافظ على قطاع عام كلف مئات البلايين في العام، للحفاظ على100 ألف وظيفة، أم نهمل مليون إنسان عاطل عن العمل؟» إذاً مشكلة القطاع العام هي مشكلة فائض عمالة!!!... وهناك رأي آخر حول الموضوع نفسه وهو (ضرورة تقلص جحم العمالة مع الإبقاء على العمال المؤهلين، والعائد الناتج من عمليات التسريح. يمكّن الحكومة من تقديم معونات اجتماعية لهؤلاء العمال بالإضافة إلى خلق فرص عمل جديدة، وهذا ما طبقته الدول التي تتبع نهج اقتصاد السوق.
نحن إذاً إزاء هجوم على الجبهات كافة تشنه الليبرالية الجديدة مدعومة خارجياً، مستندة إلى إخفاقات كثيرة من خلال الدور الوصائي الذي مارسته الدولة في المجال الاقتصادي حيث لم يستطع الحد من الفساد المرتكز إلى نهب ثروات البلد بل فاقمه، هذا الدور وصل إلى حالة عجز عن تحقيق أي حالة نمو والذي هو شرط ضروري للتنمية. وعلى صعيد آخر أخرجت جهاز الدولة من تحت أي رقابة «افتتاحية قاسيون العدد234» ومن خلال ما تقدم بات مطلباً وطنياً وسياسياً حشد جميع القوى الوطنية التي لها مصلحة في مقاومة برنامج قوى السوق والسوء داخل النظام وخارجه، وكذلك الحركة النقابية والطبقة العاملة والتي لها وزن أساسي في عملية التصدي والمواجهة تلك. وفي هذا السياق، نرى أن المعركة الأخيرة التي جرت في مجلس الشعب حول تعديل المادة 173 ذات دلالات واضحة ومؤشرات هامة تعكس إلى حد ما الفرز الذي يجري في البلاد رغم أن المادة العتيدة لم يجر إلغاؤها تماماً باعتبارها مادة تعبر بشكل واضح عن رغبة قوى السوق والسوء ببقائها كما هي مسلّطة على رقاب الطبقة العاملة، ويمكن استخدامها في أي لحظة طوارئ يحتاجون لها.
نعم إن بقاء المادة 173 هو إعلان حالة طوارئ دائمة في صفوف الطبقة العاملة رغم الانتصار الجزئي بإلغاء الفقرة الثانية منها «ربط عملية التشريع باللجنة الثلاثية». إن ذلك ما كان ليحدث لولا النضال الطويل الذي خاضته القوى الوطنية والحركة النقابية من أجل إلغاء تلك المادة، منذ اللحظة الأولى لصدور قانون العاملين الأساسي عام 1985 هذا أولاً، وثانياً اشتداد الهجوم الذي تشنّه قوى السوق والسوء، والخطر الذي تشكله تلك القوى على البلاد والشعب مما أدى إلى ذلك الاصطفاف.
هذا سيتكرر في مواقع متعددة كلما اشتدت المعارك الوطنية والطبقية في البلاد على أساس برنامجين نقيضين، برنامج قوى السوق والسوء وبرنامج القوى الوطنية الذي لم يتبلور إلى الآن بشكل كاف مما يشكل إعاقة لعملية المواجهة مع البرنامج النقيض الذي يسير بتسارع في الداخل متناسب مع تسارع الضغوط الخارجية التي تجري في اتجاهات متعدة.
قاسيون العدد 239 كانون الثاني 2005