عمال شركة الكبريت وحلم الراتب
الحديث المنطقي الذي لابد من الاعتراف به أنه لا وجود لشركات خاسرة بل مُخسرة، والمنطقي أكثر أن هناك ميلاً إلى التخسير المقصود للقطاع العام الإنتاجي، لأن أغلب الشركات الإنتاجية كان لها وضعٌ احتكاري في تجربة السنوات السابقة
وبدل أن تعزز من قدرتها التنافسية، وتطوير بنيتها التحتية، وتخفيض الهدر فيها وتدريب كوادرها، عملت العكس تماماً بحجة أنها تعاني من شحٍّ في السيولة وتثقيلاتٍ على التكلفة، ومشكلات حقيقة في تمويل، إذ أن العديد من الشركات لا سيولة لديها لشراء مواد أولية، في وقت اقتطعت فيه أقساط بدل اهتلاك للآلات فاق بكثير سعر الآلة نفسها، مع تأثير غياب السلف التمويلية لتأمين مستلزمات الإنتاج بالحد الأدنى التي أغفلتها وزارة الصناعة طيلة فترة مناداتها «الخلبية» بإصلاح القطاع العام الصناعي.
الطامة الكبرى أن كل من تعاقب على وزارة الصناعة من مسؤولين اعتبروا قضية إصلاح القطاع العام قضية وطنية، وذلك لمَا قدمه من خدمات لمئات الآلاف من العمال، حيث تشكلت تحت يافطة الإصلاح المنشود منذ 10 أعوام وحتى اللحظة لجان عديدة منها اللجنة 35 واللجنة 117 واللجنة 118 دون طائل، كما يأتي مشروع قانون لإصلاح القطاع العام ويذهب دون حسم، وبقي الحفاظ على القطاع العام مجرّد (شعار) لم يرق إلى حيّز التطبيق سوى بالكلام المنمق، ومبررات تقول إن النشاط القائم لهذه الشركات لم يعد مجدياً من الناحية الاقتصادية!!.
آخر منغصات أحد معامله جاءت على لسان رئيس نقابة عمال الصناعات الكيماوية بدمشق نبيل المفلح الذي أكد أن وزارة المالية أوقفت رواتب نحو 100 عامل في شركة الكبريت من الشهر الماضي، مما دفع الشركة للاستدانة من المؤسسة العامة للصناعات الهندسية لدفع رواتب العمال، إلا أن الشهر الحالي لم يحصل العمال على رواتبهم، حتى من المؤسسة الهندسية، رغم الظروف الصعبة التي تعيشها الطبقة العاملة السورية بمجملها، حيث اضطرت إلى رفع كتاب للوزارة حول هذا الأمر مقترحاً أن يتم فرز عمالها إلى الشركات القريبة من أماكن تواجد العمال، للاستفادة منهم حيث يوجد شركات عامة تحتاج إلى عمال، أو الاستمرار بإعطائهم رواتب وإبقائهم فيها لحين إيجاد البدائل، والسؤال هو: هل بإمكان أي مسؤول أن يعيش بلا راتب بشكل مفاجئ؟ وهل إيقاف رواتب 100 عامل ستحل قضية الشركة!؟.
يذكر أن بعض العمال مفروزون والبعض الآخر نقل إلى شركات أخرى، وحوالي 140 عاملاً وعاملة متواجدون في الشركة، وهناك عدة اقتراحات طرحت في مؤتمرات مكتب النقابة، وأرسلت إلى الجهات الوصائية بشكل اقتراحات وطلبات لإيجاد حلول لها لكنها لم تحرك ساكناً، وحتى تاريخه لم يطرأ أي جديد على وضع الشركة مما يعني أن أوضاع هؤلاء العمال نحو الأسوأ!!.