النضال التاريخي لعمال التبغ
يمتد تاريخ المؤسسة العامة للتبغ «الريجي» إلى أكثر من قرن، حيث شهدت أعوام 1930- 1941 صراعات حادة بين المعامل الوطنية التي كانت تناضل من أجل تثبيت وجودها، وترسيخ أقدامها ونشر إنتاجها وبين الشركات الأجنبية التي كانت تسيطر على الإنتاج والسوق وبدعم من سلطات الاستعمار الفرنسي. كانت المؤسسة آنذاك تحت سيطرة الإدارة الاستعمارية وكان أسمها «شركة حصر الدخان» وصولاً لتأميمها عام 1952
خاض عمال الريجي عشرات الإضرابات والنضالات المطلبية، وشاركوا عمال الحرف والنسيج والدباغة في الإضرابات، وامتد أول إضراب لهم حوالي خمسة أشهر من أيار 1926 إلى أيلول 1926، وأشهر إضراب لعمال مصانع التبغ جرى في 3 حزيران عام 1935 حيث تجمع العمال وتجاوز عددهم مئتي عامل وعاملة وانطلقوا من باب السريجة في دمشق، ومعهم نساؤهم وأطفالهم في مظاهرة صاخبة وهم يصرخون «نحن جياع، بدنا نأكل جوعانين، بدنا خبز بدنا طحين» وفي عام 1934 أضرب أيضاً عمال التبغ، وأنضم إليهم في إضرابهم عمال النسيج والأحذية والجلود في دمشق.
في الإضراب الذي نفذه العمال في 11 أيلول 1935 طالبوا بتخفيض ساعات العمل وتأمين استراحة للغداء، وتعيين طبيب، ورفع الأجور، وفي حزيران 1946 نكَّلت الحكومة بعمال شركة التبغ الفرنسية الريجي الذين أضربوا مطالبين بزيادة الأجور وقامت الحكومة بضغط على المضربين.
فيما دعا مؤتمر العمال السوريين إلى مظاهرات في المدن السورية تطالب بإطلاق الحريات السياسية، وتحسين ظروف المعيشة، وتأميم الشركات الأجنبية مثل شركة الريجي، وفي بداية شباط 1964 انعقد في حلب اجتماع لعمال ومستخدمي قطاع الدولة اشترك فيه مندوبون عن عمال النقابات، ومن بينهم نقابة التبغ طالبوا برفع أجور عمال القطاع الحكومي بنسبة 10- 15% ومنح النقابات حرية التنظيم والنشاط السياسي، وفي 29 شباط 1964 اضطرت الحكومة إلى إصدار قانون يسمح بموجبة بتنظيم النقابات.
واستمر نضال عمال التبغ النقابي والسياسي خلال عقدي السبعينيات والثمانينيات، وكانت المؤتمرات النقابية السنوية ومؤتمرات الاتحاد المهني واتحادات المحافظات تضج بمطالب ونضالات العمال كما أضرب أكثر من 2000 عامل وعاملة في شركة الريجي باللاذقية عام 1988 بسبب قيام الإدارات الفاسدة بتأخير أجورهم لعدة شهور محققين النصر في مطالبهم.