عقوبات على مقاس مزاج أرباب العمل
تنص المادة 90 من قانون العمل الليبرالي رقم 17 لعام 2010 للقطاع الخاص على ما يلي (على كل صاحب عمل يستخدم خمسة عشر عاملا فأكثر أن يضع نظاماً داخلياً للعمل لديه ولائحة للجزاءات على أن يتم اعتمادها من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وبعدها يعلن النظام الداخلي ولائحة الجزاءات في مكان العمل بشكل ظاهر)، وبالتالي اعتمدت الكثير من معامل ومنشأت القطاع الخاص لائحة الجزاءات لقانون العمل رقم 17 لعام 2010 كما وردت نظاماً داخلياً لهذه المعامل.
وقد نصت المادة رقم 2 من لائحة الجزاءات تندرج العقوبات المقررة في المادة 98 من قانون العمل على النحو التالي: ( 1- التنبيه . 2- الإنذار الكتابي .3- حسم أجر يوم واحد .4- الحسم من الأجر الأساسي بما لا يزيد عن خمسة أيام في الشهر الواحد.5- تأخير موعد استحقاق الترفيع الدوري لمدة لا تزيد عن سنة .6- الحرمان من الترفيع الدوري .7- الفصل من الخدمة وفقاً لأحكام قانون العمل).
وقد نصت المادة رقم 8 صراحة أنه: (لا يجوز أتخاذ أي اجراء عقابي أو فرض أي عقوبة عن فعل أو مخالفة غير منصوص عليها في لائحة جزاءات المنشأة المعتمدة من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل).
ليبرالية القانون
لا اختلاف على أن قانون العمل رقم 17 سيئ الصيت، واللبرالي بامتياز يراعي بكل وضوح مصالح أرباب العمل على حساب مصالح وحقوق الطبقة العاملة التي انتزعت عبر النضال المستمر منذ الاحتلال الفرنسي لبلدنا، وحتى صدور هذا القانون المطاطي المليء بالثغرات والثقوب التي سمحت لأرباب العمل بالمرور على حساب كرامة ولقمة عيش الطبقة العاملة في القطاع الخاص فقد خولتهم، وخولت من ينوب عنهم في إدارة شؤون العمال لديهم فرض عقوبات إضافية على مقاس أمزجتهم لم ترد بنص في لائحة الجزاءات المعتمدة لديهم بهدف الربح المتعاظم أو التخلص، ومحاصرة العمال الناشطين في مجال النضال المطلبي الهادف لزيادة أجور ورواتب العمال واحتساب أيام العطل، وتطبيق معاير السلامة والصحة المهنية.. إلخ.
وهنا لابد من التذكير ببعض هذه العقوبات على سبيل المثال لا الحصر كعقوبة التوقيف عن العمل مدة تزيد عن ثلاثة أيام دون سابق تنبيه أو إنذار كتابي أو حتى التدرج في سلم العقوبات الواردة في المادة 98 من قانون العمل، حيث يتم توقيف أي عامل عن عمله دون احتساب أجره طيلة مدة التوقيف مع اشتراط إعادته الى عمل آخر مختلف عن طبيعة عمله السابقة، وهناك عقوبة الفصل من العمل وإنهاء الخدمة دون أي تعويض للعامل الذي يقوم بالتدخين أثناء العمل علماً أن المخالفات التي تتعلق بسلوك العامل المنصوص عنها في الجدول رقم 3 من لائحة الجزاءات في قانون العمل تنص: (أن التدخين في أماكن غير مسموح فيها التدخين يعاقب بتطبيق الغرامة المحددة بالمرسوم 62 لعام 2009)، وبالتالي لا يحق لصاحب العمل فصل العامل المدخن من العمل لأن المخالفة لا تستوجب الفصل كما لا يحق له تطبيق العقوبة المنصوص عليها ما لم يتم تخصيص أماكن يسمح فيها بالتدخين، وانتفاء التخصيص ينفي بالضرورة عقوبة الغرامة المنصوص عنها أصلاً!!.
فصل من صوت له
ومن خلال التدقيق في حالات الفصل من العمل بذريعة التدخين تبين أن جميع العمال المفصولين تميزوا بأنهم نشطاء في النضال المطلبي من أجل زيادة الرواتب والأجور وتحسين بيئة وشروط العمل، وجميعهم لا يؤمن بالتزلف والولاءات الشخصية لأرباب العمل على حساب كرامتهم وحقوق زملائهم العمال عقوبة التوقيف أو الفصل من العمل بسبب (تناول المشروبات الساخنة المتي مثلاً مع جواز السماح بشرب الشاي والقهوة دون عقوبات، وقد برر أحد أرباب العمل هذه العقوبة (بأن تناول المتي يؤدي الى اجتماع العمال، وبالتالي الإنصراف عن العمل في أحاديث مضرة بالعمل وسير العملية الإنتاجية برمتها).
هذا غيض من فيض العقوبات الإضافية التي تفصل على مزاج أرباب العمل الذين منحهم قانون العمل رقم 17 للقطاع الخاص حق الفيتو، وأعطاهم التوقيع بالقلم الأخضر تماشياً مع مصالحهم الطبقية، وتعاظم الربح لديهم على حساب الطبقة العاملة بسواعدها وأدمغتها التي تنتج الثروة ولا تملك قوت يومها ليتنعم من لا ينتج بالسلطة التي تفرض توزيع الثروة الجائر، والقاتل في ظل اقتصاد ينحاز لرؤوس الأموال على حساب الشعب الفقير، وفي ظل ديمقراطية شكلية تراعي مصالح الفاسدين الكبار وتقمع كل صوت يعلو ضدهم.
التعديل الفعلي هو الذي يعبر عن مصالح الطبقة العاملة السورية، والذي أصبح ضرورة!!.