بصراحة: المجلس العام بين مطالب العمال ووعود الحكومة؟؟
عقد الاتحاد العام لنقابات العمال اجتماعاً دورياً لمجلسه العام، وكما هي العادة حضرت قيادة حزب البعث، وحضرت الحكومة، ليستمعوا إلى ما لدى النقابين من مطالب، وهي مطالب معظمها تقع في خانة المطالب المتكررة منذ عدة اجتماعات، وربما منذ عدة سنوات، دون حدوث تقدم حقيقي على طريق تحقيقها، وعلى سبيل المثال واقع عمال الأفران الاحتياطية المحرومين من الطبابة وإصابات العمل، وإعادة العمال المسرحين ظلماً التي شكلت الحكومة لجانها من أجل إعادة النظر بأوضاعهم وعودتهم إلى أعمالهم، وهذا الواقع خطير من حيث آثاره الاجتماعية، والسياسية، على المسرحين، وأعدادهم ليست بالقليلة وهم بازدياد دائم تحت حجة مكافحة الفساد الإداري والمالي، بينما الفساد الحقيقي يصول ويجول بلا رقيب أو حسيب في أربعة أركان معمورتنا.
الأزمة الوطنية كانت حاضرة في الاجتماع بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتنوعت الأطروحات حولها، خاصةً حول ما جرى في مدينة عدرا العمالية، حيث حملَت إحدى المداخلات المهجرين في توسع عدرا العمالية مسؤولية دخول المسلحين بزعم أن هؤلاء«المهجرين» خلايا نائمة لابد من التقصي والتحري حول من سمح لهم بالسكن في التوسع ومحاسبته على فعلته «الشنعاء» هذه، وكأنهم غرباء ليسوا من هذا الوطن المنكوب، والأنكى من ذلك مجاراة الحكومة لهذا الطرح والتأكيد على أن الجهات المختصة تقوم بدراسة أوضاعهم لكي لا يتكرر هذا العمل في مكان آخر، مداخلة أخرى ُطرحت حول عدرا العمالية حملُت الجهات الحكومية المسؤولية عن التقصير تجاه سكان عدرا من حيث تقديم المساعدات الضرورية لهم بعد كسرهم للحصار وخروجهم عوضاً عن تركهم في العراء للجوع والبرد القارس، ولكن الأهم فيما طرح من مداخلات تلك التي أشارت إلى الدور الذي لعبته السياسات الليبرالية الاقتصادية في التحضير لانفجار الأزمة، منها تراجع المؤشرات الاقتصادية، توقف عملية الإنتاج إلى حد بعيد، ارتفاع الأسعار، التضخم، ارتفاع مؤشرات البطالة والفقر، وانتشار العشوائيات في المدن، والبلدات، لقد طالبت المداخلات بضرورة تجاوز السياسات الاقتصادية التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة ومازالت، والتوجه نحو الاستثمار الحقيقي في الصناعة والزراعة.
اجتماع المجلس عكس في جوانب كثيرة منه عقلية المادة الثامنة القديمة من الدستورالسابق، سواء بالحضور أو الخطاب اللذين سادا الاجتماع، وكأن الحركة النقابية هي منظمة حزبية وليست منظمة عمالية نقابية لها خصوصيتها، واستقلاليتها المعبرة عن مصلحة جميع أعضائها بغض النظر عن وجود افراد حزبيين داخلها، لأن هذا الشكل من الاحتواء يجعل وحدة الحركة النقابية شكلية، ولا يمكنها من الدفاع الحقيقي عن مصلحة من تمثل في القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية في خضم الصراع حول مستقبل سورية، ومنها أي نهج اقتصادي نريد.