بصراحة: كاسرو الحصار والطائفية

بصراحة: كاسرو الحصار والطائفية

ما جرى في عدرا العمالية لا يخرج عن السياق العام لما يجري في سورية من حيث الكر والفر الذي يعكس إلى حد بعيد التوازن القائم على الأرض، ولا يلغي حالة التوازن التقدم الذي يحرزه هذا الطرف أو ذاك على الأرض، في هذا المكان أو ذاك، مما يسقط إمكانية الحسم، والإسقاط كما هو مطروح مما يعني أن الحل الوحيد «الحل السياسي» الذي يؤمن وحدة سورية أرضاً وشعباً،

ويقطع الطريق على خطط التقاسم الطائفي الذي يمكن أن تلجأ إليه القوى المتشددة في الطرفين بمعزل عن إرادة الشعب السوري التي عبروا عنها بشكل واضح وجلي السكان القاطنون في مدينة عدرا العمالية أثناء الحصار الذي فرض عليهم من المسلحين الإرهابيين، الذين أرادوا من هذه المعركة أن تكون نموذجاً للتسعير الطائفي من خلال الممارسات والأعمال الإجرامية التي قاموا بها في لحظة الدخول إلى المدينة العمالية التي تحوي بين جنباتها ألاف العائلات العمالية الكادحة من مختلف المناطق السورية، وبهذا تقدم هذه المدينة بسكانها أجمعين نموذجاً حقيقياً لواقع الشعب السوري الذي أفشل إلى هذه اللحظة، المحاولات البائسة للقوى المتشددة في الطرفين من أجل أن يأخذ الصراع طابعاً طائفياً يسهل تمرير المشاريع التي تطرحها القوى المعادية الخارجية الداعمة لاستمرار العنف والتدمير والإرهاب، أي استمرار إحراق سورية من الداخل، وفي سياق التسعير الطائفي، جرى تسريب العديد من الشائعات حول المهجرين القاطنين في توسع عدرا العمالية بأنهم حصان طروادة للإرهابيين المسلحين كون هؤلاء المهجرين من مناطق يسيطر عليها المسلحون، وهم تضرروا كما بقية المهجرين من السوريين، خسروا كل شيئ، والحكومة قد أوتهم في هذا المكان، وهو واجبها كما هو واجب حمايتهم، وتأمين سلامتهم التي هددها المسلحون كما هددوا حياة قاطني عدرا العمالية، وكسروا حصار المسلحين منذ اللحظة الأولى لقدومهم كما كسرها السكان من خلال تضامنهم المشترك في المأكل والمشرب الذي كان شحيحاً، وتصديهم المشترك للمسلحين الذين حاولوا منعهم من الخروج، حيث تجمع السكان بعشرات الآلاف مشكلين كتله بشرية هائلة فرضت موقفها على المسلحين، وتم الخروج الجماعي والمسير لساعات طويلة بالرغم من الجوع ورداءة الطقس.

إن تجربة عدرا العمالية لابد من الاستفادة منها في مناطق أخرى تحت سيطرة المسلحين، حيث يقوم السكان بمظاهرات واسعة النطاق بمواجهة المسلحين في جميع المناطق الساخنة كما هي الحال في الغوطة وحلب، والرقة ودير الزور، وهذا يرتب على الدولة، والقوى الوطنية مهمة تقديم المساعدة الضرورية السياسية والإنسانية في مواجهة من يريد تقسيم البلاد، والارتهان للخارج.